13 نوفمبر 2025

تسجيل

زلزال في بيت العدالة !

05 مارس 2012

كيف للسائر أن يتبين طريقه والعتمة حالكة؟ كيف له أن يتبين مواقع قدميه وهو يمشي متخبطاً بنفق مظلم ليس به كوة نور واحدة؟ كيف يهتدي لدربه من فقد بوصلة تحديد وجهته في صحراء مترامية لا أول لها ولا آخر؟ بل كيف تصل السفينة التي تبدو كريشة تتقاذفها الريح والأمواج العاتية إلى أمان اليابسة والربابنة على ظهرها كثر كل يجذبها صوبه متجاهلاً إمكانية أن تهوي في أي لحظة لتستقر في القاع؟ كيف لمصر الموجوعة أن تجلو المشهد المضبب وتستجلي إجابة ألف سؤال وقد تم تحت سمع وبصر المصريين تهريب المتهمين الأمريكيين بقضية التمويل الأمريكي رغم التهم الجنائية الموجهة إليهم التي تصل عقوبتها إلى السجن خمس سنوات؟ هل تمت صفقة؟ ما نوعها؟ هل لوحت أمريكا بعصاها الغليظة ولوت يد السلطة بجبروت القوة التي قد تصل لتجويع مصر؟ من فعلها؟ الحكومة؟ المجلس العسكري؟ القضاء؟ التيار الإسلامي؟ (ما حدش عارف حاجة)! حالة اختناق، وحزن، وخيبة رجاء تملأ بالمرارة نفوس المصريين أمام الألم من كل ما يحدث لا وضوح لشيء بل تتناهب المصريين أحداث فوق التصور ليتوهوا في سوق السياسة والكل يسوق بضاعته، البعض يقول إن التيار الإسلامي هو الذي سينقذ مصر، الآخر يقول التيار الإسلامي (حيودي البلد في ستين داهية) البعض يريد (البرادعي) والبعض يحذر من مجرد اقترابه من المشهد السياسي لأنه عميل أمريكاني، البعض يقول (العسكري) يتحمل أعباء ثقيلة فقد ورث تركة مهلهلة وخزانة منهوبة خاوية، والآخر يقول العسكري مشارك في كل المخالفات ومتباطئ في دفع مصر إلى الأمام ليبقى هو في الحكم ليسلم من المؤاخذة والمحاسبة! وكل يوم تطالعنا أخبار تسد النفس، وتطحن الروح بالوجع ليخرج من يقول إن المستقبل (أسود ومنيل) بينما يفرط آخر في تفاؤل لا يعرف الحذر! تعب الناس من ضبابية تجثم على صدور الحياة وتلف حبلها الخانق حول الرقاب ليكون الأصعب أن تسأل إلى أين نمضي؟ فلا تعود لك إلا الحيرة مع صدى صوتك المتعب! • * * • في الصحافة أقلام أعلام منهم هي، الوقورة، الصادقة، يعرف صدمتها كل من قرأ لها، إنها المتميزة الإنسانة (سكينة فؤاد) التي أحبها جداً واحترمها جداً، ليس فقط لأنها بورسعيدية من بلدياتي وإنما لأنها (بورسعيدية جدعة) صاحبة قلم حر طالما سعى من نافذته بالأهرام لكشف الفساد والإصرار على طلب القصاص ممن أجرم في حق ناس مصر في عز سطوة مبارك وإبان حكمه، قابلتها في الأهرام بمكتبها واستمعت لروحها المرهفة الموجوعة التي ظلت تصرخ من أجل أرض مصر التي سرطنها (يوسف والي) بإدخاله أكثر من ثلاثين مبيداً مسرطناً دون التفات لأطفال مصر الذين ملأوا المستشفيات بلوكيميا الدم، حكت لي كيف تصدوا لقلمها في محاولة لكسره، وكيف روعوها، وأتعبوها، وأهملوها أملاً في أن يكف قلمها عن المطالبة بمحاكمة (يوسف والي) وزير الزراعة آنذاك، لكنها صمدت واحتملت، وجمعت أدلة وقدمت مستندات لم يلتفت إليها أحد حتى دفعت من صحتها التي اعتلت وهي تناضل بالقلم الذي لم تكسره أبداً، ولم تسكت أبداً حتى مرت السنوات وماتت القضية التي وقفت السلطة حائلاً بينها وبين التحقيق فيها لحماية سعادة الوزير، عندما ودعتها قلت لها لن يضيع وفاؤك ولا نضال قلمك، إن غداً لناظره قريب، وركضت سنوات طوال والقضية ساكنة والسرطان ينهش في جسد المصريين حتى قامت الثورة وقدم وإلى للمحاكمة ليسمع بأذنيه منذ يومين قراراً بالسجن عشرة أعوام، تحية للمناضلة بنت بورسعيد سكينة فؤاد صاحبة أول قلم تصدى لفساد وزير الزراعة بشجاعة يندر أن تكون في ظل مباخر تبجيل الحاكم وحاشيته وممالأة السلطة، والخوف من كلمة حق قد تزعج النافذين، وكل التقدير سكينة فؤاد التي لم تأكل لسانها أمام سطوة الفساد، وكشفت عورات النظام. • * * • طبقات فوق الهمس: • يقول الموالون من الإعلاميين في أخبارهم تخفيفاً من الفضيحة (سفر المتهمين) ونقول اسمها (تهريب المتهمين بقضية التمويل الأجنبي) الذي أصاب بيت العدالة في مصر بأفدح الزلازل! • تهريب المتهمين له معنى واحد، اغتيال الشفافية، واستعباط الشعب المصري الحر العظيم، واستخفاف بعقل شعب بلغ سن الرشد! • يقول وزير العدل المصري إنه سيجري تحقيقاً ليعرف من المسؤول عن تسفير (الخواجات الجواسيس) ما بين قوسين من عندياتي، وأقول إذا كنت تعرف فتلك مصيبة، وإن لم تكن تعرف فالمصيبة أكبر من الأهرامات! • تقول الأخبار إن (عشرين ألف عميل دخلوا مصر) السؤال مَن أدخلهم؟ وكيف تم احصاؤهم؟ وهل إلى هذا الحد كان المخلوع (سايبها سداح مداح)؟ • شباب (زي الفل) مؤهلون ورائعون يعانون البطالة شابت رؤوسهم وهم يتابعون حصراً لممتلكات المحترمين جمال وعلاء مبارك على دريم في خمس أوراق فلوسكاب (ممتلئين لعينهم) بأرصدة في البنوك، وقصور، وشاليهات، وشقق، واراض زراعية، وأسهم في البورصة، واراضي بناء، وشركات، وببجاحة يقدم (الديب) محاميهم براءة ذمة! • في أفظع حادثة تزوير تقدم بعض الفضائيات رموز الثورة المضادة على أنهم رموز ثورة 25 يناير وهات يا نفخ، ممكن يعودوا لأحجامهم بدبوس! • لماذا بدأنا نستشعر أن الإعلام المأجور يعيد إنتاج مبارك بعد التحسين مع اختلاف الطول والعرض؟! • في المفهوم الجديد لم يعد البلطجي حافي القدمين، رث الثياب، فقير الهيئة، الأمر اختلف إذ ممكن يكون البلطجي آخر شياكة، وراكب عربية آخر موديل، وقاعد أمام مذيعة تناديه بسعادتك، وسيادتك بينما يلوك افتراءاته ليضرب قلب وطنه! • بشار الأسد الذي يسير عكس حركة التاريخ ماذا يريد؟ ومتى يفهم أن حتمية تاريخية اسمها انتصار الشعوب هي أمر حتمي جاء عاجلاً أم تأخر قليلاً؟ • بعد تهريب (خواجات التمويل الأجنبي) من مصر بدأت المفاجآت تكشف عن متورطين معهم لتظهر أسماء كثيرة، كبراء، وزراء، رجال أعمال، إعلاميين، كلهم ضالعون، (وبكره اللي في القدر يطلعه الملاس). • للذين يهاجمون الجزيرة ويقولون إنها تؤلب الشعوب، وتذكي الفتن نقول الجزيرة مهاجمة دائماً لأنها كشفت للشعوب المستغلة عورات حكامها، حتى ورقة التوت أسقطتها عن الأنظمة الظالمة. • في كتاب (الثورة العربية والثورة المضادة – أمريكية الصنع) يقول المؤلف الأمريكي (جيمس بتراس) العالم ببواطن الأمور (عندما بدأ أوباما في دعم عمر سليمان بديلاً هدد مبارك بالقيام بمذبحة جماعية على غرار النموذج الإندونيسي إذا لم يتفرق المتظاهرون) وتعليقاً نقول ولم ينفض المتظاهرون وبقية الفاجعة تعرفونها، هذا هو مبارك البرئ.