10 نوفمبر 2025

تسجيل

دنيا الله

05 يناير 2022

جمالها يتجدد، زينتها تسحر، شبابها لايزول، لا تعرف الشيخوخة، تدعوك باحتشام حتى إذا أوغلت في حبها كشفت لك عن صدودها، تدعوك ضاحكة حتى اذا استولت على قلبك ابكتك، احتشامها عُري، وعُريها لباسٌ وزي، غناها فقر وفقرها صبر، بدايتها نظرة ونهايتها حفرة اذا استولت عليك أذهلتك، واذا ادبرت عنك لطمتك، إنسانها منهك فهي لا تعرف التعب، رأيت فيها جمالاً قد ذهب، وشباباً قد ذَبل وانتحب، ركضت خلف بريقها المضي حتى اذا ما ادركته لم أجد غير سراب عالق في يدي، لا تقتنع بما يقال عنها حتى تجربها، كم تحدث معنا الاباء عن مكرها وخداعها الا اننا كنا نرى فيهم زوال الشباب سبباً، وها نحن اليوم نحدث أبناءنا عن مكرها ونظراتهم تحكي قصة الأمس مع آبائنا. كان والدي يردد بيتاً عن الدنيا باستمرار لا زلت أحفظه: زيادة المرء في دنياه نقصانُ وربحه غير محض الخير خسرانُ. كم من طاغيةٍ أعطته ولم تستبق شيئًا ثم ركلته بحذائها نحو جرف هارٍ لا قعر له، الحصيف من يقف عَلى تخومها ليرى بعيداً، ليرى الله خالق الموت والحياة، هذه ليست دنيا البشر، هذه دنيا الله، الانسان أضعف وأوهن من أن يمتلكها مهما أوتي من قوة ومال وجاه، حتى لو تجاوزت عثراتها الواحدة تلو الاخرى ستجد نفسك تتعثر أمام زوالك وديمومتها امام هشاشتك وصلابتها، لا عزاء لمن لا يدرك حقيقتها باكراً إلا الندم تالياً، سألت شيخاً على مشارف لقاء ربه عن الدنيا فقال لي: كأني دخلت من هذا الباب وخرجت من الباب الآخر، اللحظات الأخيرة هي أصدق اللحظات في كل شيء لانها وقوف على التخوم في مواجهة المطلق الذي يختزل جميع ما جمعته في دنياك من صغائر وحقائق نسبية وأقمت حولها معارك وفصولاً. [email protected]