08 نوفمبر 2025
تسجيللماذا لم تنته الثورة السورية حتى الآن؟!.. سؤال طرحه أحد المغردين في تويتر معرباً عن أمله أن تنتهي هذه الثورة بسقوط بشار ودحر نظامه، كما حدث في دول أخرى عربية لا تزال هي الأخرى ورغم سقوط أنظمتها تعاني من تبعات تهدد بعودة الأنظمة السابقة ولكن بوجوه ثانية أعتبرها في الواقع مشوهة، كما يجري الآن في مصر ومسرحية الاستفتاء الجاري على الدستور الذي عطله الانقلابيون وعادوا صياغته بما يتوافق مع مصالحهم وتمكنهم من البلاد والعباد، ليدعوا جموع المصريين للتصويت له بكلمة نعم ولا شيء غيرها وتحت شعار يقول (نعم تجلب النعم)، ولا أدري ما النعم التي يمكن أن تسوقها هذه الكلمة التي تأتي رغم سقوط المئات من الشهداء الشباب، الذين لم يرعوا الله ويراعوه حينما قتلوهم بدم بارد في ساحات جامعاتهم ومعاهدهم الدينية والدراسية؟!.. ولنعد إلى سؤال هذا الشخص الذي أصر على أن أجيبه بإسهاب عن أسباب طول مدة الثورة السورية حتى الآن، ورغم إنني لست متعمقة في هذا الموضوع سياسياً باعتبار إنني لست من أصحاب الكراسي الحاكمة ولا الوزارية، لكنني سأجيب بما أراه كمواطنة عربية تعلم جيداً ما يدور حولها وتلتقط رائحة المؤامرات الدنيئة التي طالت ثورة شعب سوريا، حتى عملت على إبادته ولم تُبِد ثورته بإذن الله!..الواقع أن الثورة السورية لم تطل ولكن تمت إطالتها وما بين الكلمتين هناك عشرات من الوجوه الخسيسة التي عملت وتعمل على إطالة أمد هذه الثورة التي بات كثير من مؤسسات دولية وشخصيات سياسية يصفونها بالحرب الأهلية، ولعل هذه التسمية غير العادلة بالنسبة لآلاف القتلى من شعب اعزل بائس، هي التي لاتزال تقتله حتى الآن وتسلب أرواح أطفاله، لأن الحرب الأهلية بمسماها البغيض هذا تعطي لبشار الكفة الأرجح بأنه يقاتل متمردين على نظامه الشرعي المنتخب من قبل الشعب قبل عقود، وأن هذه الحرب تعني نظاماً حاكماً يحاول أن يقضي على معارضة داخلية يتلقون بحسب أكاذيبه دعماً أجنبياً من الخارج، ولذا كان هذا التحول اللفظي في ترجمة الثورة السورية بداية إطالتها ودخول أطراف عربية وغربية لمحاولة عقد مؤتمرات (صلح وتوافق) بين الحكومة والمعارضة، ليختفي بعدها المطلب الشعبي العام وهو (الشعب يريد إسقاط النظام)!..وكأن المسألة باتت خلافاً وليس دماء وثارا وقتلا وتهجيرا وتدميرا وموتا أسود يسكن الطرق والحارات، ويعلن كل يوم عن مجزرة مروعة لا يتحرك لها الضمير العالمي إلا بقليل من الشجب والدعوة للتهدئة!..ولا يمكن والله وهذا قسم أحاسب عليه أمام الله، أن نخلي بعض الدول الخليجية والعربية من إثم قتل كل هذه الارواح السورية البريئة التي تذهب يومياً نتيجة تقوية هذه الدول لشوكة المجرم بشار في دولة باتت تلفظ وجوده، لا سيما بعد استعانته بقوات من حزب اللات اللبناني، الذي أعلن نصرته لطائفيته ومذهبه ودعمتها قوات إيرانية تقاتل خلف نفس الشعار الطائفي الذي يغذي الحقد تجاه المدن والقرى السورية السُنية، بل إن هذه الدول الخليجية والعربية لا تتوانى أبداً عن التبرير للنظام السوري عقب كل جريمة مروعة يقوم بها وتلوم ثوار سوريا على تحصنهم في المدن الآهلة بالسكان، وكأن المشكلة باتت في أساس الثورة السورية التي أشعلها هذا الشعب للتخلص من عنجهية آل الأسد وتحكمهم بالبلاد والعباد معاً!.. إنني أعجب أن تقوم إحدى الدول الخليجية بتنظيم مسيرات مؤيدة للنظام الجائر الذي يحكمه بشار، وكأن الأمر هو حرية، بينما هو في الأساس موقف دولة تكذب ظاهرياً بتأييدها لثورة الشعب السوري لكن خشيتها الدائمة من أن تتحول سوريا لدولة إسلامية، وخوفها من أن تتكرر قصة الإخوان فيها على غرار مصر، بات ذلك يجعلها في الخفاء تعمل على تغذية بشار بالتأييد المعنوي والمادي للتخلص من هؤلاء، ولذا يا سيدي الفاضل لا تسأل عن أسباب إطالة الثورة السورية، ولكن حاول أن تقنع من حولك بأنها ثورة وستبقى ثورة وليس حرباً أهلية بين فرق متحاربة، وربما لو عدنا للتسمية الصحيحة يمكن أن نختصر جولات من القتل والتنكيل بهذا الشعب الذي أعجب كم بقي منه وقد قتل نصفه وتم تهجير البقية منه!!. فاصلة أخيرة:سوريا.. لن تكوني أثراً بعد عين، حتى وإن دُمرت مآذنك واحترقت مدنك وقـُتل شعبك، وطارت أرواح أطفالك إلى السماء تناشد الله أن ينقذك.. ستنتصرين لأنكِ سوريا التي لم تكن يوماً تعني بشار!