09 نوفمبر 2025
تسجيلان الانتقادات التي تتساقط على استضافة قطر للمونديال مبالغ فيها ولا تأخذ في الاعتبار بعض التطورات الإيجابية التي تقوم بها الدولة المستضيفة في مجال رعاية العمال وحماية البيئة في الوقت ذاته ان الهجمات التي تنهمر على الدوحة منذ سنوات حول تنظيم كأس العالم المقبل تتزايد قبل أقل من شهرين على بداية الحدث، حيث واصل المناوئون الحديث عن نفس المسائل المتعلقة بحقوق الانسان ووضع العمال وتكييف الملاعب وحماية البيئة. "عندما يفعل بلد ما كل شيء من اجل تعديل قانون العمل وتحديثه وإصداره في أقل من عشر سنوات، مثل أي بلد آخر في محيطه، فهل يجب علينا بالتالي إدانته وإحباطه في تعهده؟ لنكن واضحين كان هناك هوس بقطر لسنوات، كما قيل الكثير عن الصين، التي يبلغ عدد سكانها 1.4 مليار نسمة خلال استضافتها للألعاب الأولمبية وايضا عن استضافة روسيا للمونديال وهي دولة يبلغ عدد سكانها 144 مليون نسمة، لكن وسائل الاعلام الغربية تريد اقناعنا بان قطر التي يبلغ عدد سكانها مليوني نسمة هي المسؤولة عن العبودية الحديثة والاحتباس الحراري، هذه الفكرة لا معنى له منطقيا. تعرضت قطر لانتقادات منذ منح كأس العالم FIFA، هذه حقيقة، كما أنها المرة الأولى التي تستضيفها دولة عربية، لذا فهي لحظة تاريخية، لماذا نلوم دولة خليجية على التطوير والتحديث والرغبة في توسيع نفوذها والاستثمار في العالم، واستضافة مثل هذه الأحداث؟ نفذ حكام قطر استراتيجية تنمية غير مسبوقة للبلاد، مما دفعها إلى الساحة العالمية، كما فعل غيرهم في المنطقة. لقد أحرزت قطر تقدمًا حقيقيًا واستفادت من الحدث، يجب أن نهنئ أنفسنا، بعد التخلي عن نظام "الكفالة" القديم للتعيين في عام 2016، كما أطلقت الدوحة أول انتخابات برلمانية العام الماضي، لا أستطيع أن أصدق أن البلدان التي تطمح إلى جذب العالم بأسره تستمر في حبس نفسها في ظل الاستبداد لفترة طويلة، كأس العالم بمثابة مهرجان عالمي وليس من السهل اخفاء أي شيء. فلماذا تقضي وقتك في الإشارة إلى ما هو واضح بدلاً من تسليط الضوء على التقدم وتشجيعه؟ فيما يتعلق بحقوق العمال، ذهبت الدولة المنظمة إلى منظمة العمل الدولية، المعتمدة من الأمم المتحدة، والتي اشادت بالتطور المستمر في هذا المجال، كما نظمت قطر ما يقرب من 450 مسابقة دولية على مدى السنوات العشرين الماضية، والتي تطلبت تطوير البنية التحتية والدعوة للعمالة الأجنبية، هل تمت اثارة هذا الموضوع من قبل؟ لم يكن منح كأس العالم يعني أبدًا منح قطر شيكًا على بياض، يجب أن تستمر قطر في هذا المشروع الطويل الذي تم تنفيذه منذ عدة سنوات من أجل إنتاج مولود جديد من قانون العمل لنسبة 80٪ من سكانها، والذين يأتي معظمهم من الهند وبنغلاديش ونيبال، باعتبارها من الدول الفقيرة المنكوبة التي ليس لديها أفضل ما تقدمه لشعوبها من حيث العمل والحقوق، إنه لمن السخف بعض الشيء الاعتقاد بأن قطر ستجني المال على ظهور هؤلاء العمال، الذين يرسلون الجزء الأكبر من دخلهم إلى عائلاتهم في بلد المنشأ، كما ان بعض الأجانب يعبرون اليوم عن رغبتهم في مواصلة العمل في قطر. ذكرت بعض الصحف وفاة 6500 عامل، وهو ما يبدو غير متناسب مع الواقع،حيث يتعلق هذا الرقم بإجمالي عدد الوفيات في قطر خلال 10 سنوات، في المقابل هل نهتم بظروف العمل والصحة المروعة في دول العالم الثالث التي يأتي منها هؤلاء الأشخاص للأسف؟ هذه مشكلة عامة يجب أن نشعر بالقلق منها، بما في ذلك في بلدانهم الأصلية، لكن من الواضح أن الكثيرين وصلوا وهم يعانون من ظروف صحية هشة. حتى اليوم، يموت 500 شخص كل عام من حوادث العمل في فرنسا، في غضون عشر سنوات، تم تسجيل 5000 حالة وفاة و 78000 إصابة خطيرة و 2600 مرض مهني معترف به، كل ذلك في مواقع بناء أقل بكثير من قطر. وأخيراً تذكر أن غالبية مواقع المونديال الخاصة ببناء الملاعب كانت تحت إشراف شركات فرنسية! ولذلك، فإنهم هم الذين يجب أن يساهموا أيضًا في ضمان تطبيق القطاع التشريعات الجديدة الخاصة برعاية العمال، كما تم إعداد 10000 تقرير منذ عام 2020، ومنذ ذلك الحين، تم إطلاق تطبيق متعدد اللغات يسمح لكل عامل بمعرفة حقوقه وواجباته. لن يكون لكل ذلك أي معنى وفوق كل شيء سيكون له نتائج عكسية تمامًا، أما بالنسبة لمضاعفة الدعوات للمقاطعة، فإن ذلك من شأنه أن يرسل إشارة سيئة للغاية لدول المستقبل التي ستفوز بالمسابقات الكبرى خارج الدائرة المتمركزة في الغرب، وهو ما يجعل الدول الراغبة في اي استضافة مستقبلية من خارج الدول الغربية محكوما عليها بالفشل مقدمًا. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ باحث فرنسي في العلوم السياسية جامعة بروكسل الحرة