10 نوفمبر 2025
تسجيلحتى أمس كان اليوم يوم الناخبين بامتياز، يمشي الناخب متبختراً يطلب الجميع وده وقبل ذلك صوته، يُدعى لندوات ولقاءات وعزائم، فوز المرشح يستمر أربعة أعوام في حالة فوزه، بينما يعيش الناخب يوماً واحداً هو يوم ادلائه بصوته، الفجوة بين المرشح والناخب فجوة في التواصل والهم المشترك وعدم التنظيم وعدم وضوح الرؤية وخلو المجتمع من مؤسسات الهَم المشترك. وهي مؤسسات مجتمع مدني قائم على الارض وفي الواقع، عدم وجود مثل هذه المؤسسات أوقع كلا من الناخب والمرشح في الهم والقلق الوجودي، كل منهما يبحث في حياته لأثر يتركه بعد مماته ومعنى لحياته يعيش به، فتراكمت الاسرار بدلاً من الشفافية، وساد القلق بديلاً عن التواصل، وأطبق الصمت بديلاً عن الحديث والسرد، حتى حان وقت احتاجت فيه الدولة أن تحدد قبل كل شىء طريقة تعبيرها عن ذاتها امام العالم، فتطلعت الى المجتمع وادركت أن التكتم نوع من التناقض، فلابد من طريقة لاخراج المجتمع عن صمته عن طريق افصاحه عن مكوناته وسرد افراده لحكاياتهم وقصصهم، من هنا بدأت ثنائية المرشح والناخب تظهر ليس من معجم السياسة، ولكن من معجم المجتمع ما قبل السياسي، وهي بالتالي ثنائية هشة لا تعتمد على تنظيم واضح وانما على مصادفة تاريخية ووعد قد أنُجز في لحظة من لحظات الدولة، استكمالاً لوجودها، فالبرامج وعود والوعود وعود "عرقوب" ليس هناك من ادوات يمكن التحقق منها تنفذ هذه الوعود او تطبق تلك البرامج، لكن الناخب امتلك زمام الامور حتى يوم الانتخاب وادلائه بصوته. وبعد ذلك يصبح في وضع آخر يفقد فيه زخم فاعليته، ويلتقط الشعلة منه المرشح حيث لا يمكن لنَفس الناخب اطفاؤها بعد ذلك. أمس كان يوماً مشهوداً رغم كل ما قلته، الانظار تتجه نحوي وان ادخل اللجنة للتأكد من اسمي، ابتسامات هنا وهناك، تسلمتُ ورقة الانتخاب لأذهب للطاولة المخصصة للاشارة بالقلم على المرشح الذي انوي الاقتراع له، ثم الى الصندوق لألقي بالورقة فيه، لحظات تاريخية في حياة الاشخاص، انت تعيش ذاتك، والمرشحون في حالة ابتسام مستمر لجميع الناخبين، لا يعلمون لمن ستذهب أصواتهم، ما أغلى الناخب في هذه اللحظة، عيون تحكي قصة مجتمع واحد، انه يوم الناخب بامتياز الا أنه قصير، حتى تلقي بالورقة ليبدأ المرشح الطويل. شاهدني أحد الاخوان وانا أضحك خارجاً مسروراً من الدائرة الانتخابية، بما شاهدته أثرا لوجود وألما لغياب، ليبادرني ضاحكاً هو الآخر"ناخب لا تفكر نفسك مرشح تراك عومة ماكولة ومذمومة بكرة روح دور مرشحك اللي انتخبته, المنصب نفسي نفسي يبه"، تدبرت كلامه فوجدت صحيحاً لا أملك في يدي شيئاً أستند اليه سوى ضمير المرشح الذي اعطيته صوتي، في وقت اصبح الضمير نفسه في محنة في عالم بلا ضمير، لا لا سأصدق حدسي هذه المرة، حيث إنني لم أخن ضميري. حفظ الله قطر وأميرها وشعبها. [email protected]