17 نوفمبر 2025

تسجيل

الغرب ومنطق القوي

04 أكتوبر 2016

ازدواجية المعايير، من أبرز ما يتميز به الغرب اليوم، بشقيه الأوروبي والأمريكي، وهذه الازدواجية ليست بالأمر الغريب أو المستهجن من قبل الغرب نفسه، الذي لا ينكر أنه بنى حضارته على أسس مادية أو رأسمالية بحتة ومتوحشة أيضا، وأنه يبحث عن مصلحته ويدافع عنها بكل ما لديه من قوة وعتاد، وإن داس على مبادئه وقيمه وأخلاقه. ما نراه اليوم في مواقع الأحداث والبؤر الساخنة المتفجرة من العالم العربي، إنما للغرب يد طولى فيها، وإن كنت لا أعذر العرب في الوقت ذاته، لكن لكثرة تدخلات الغرب بالمنطقة وبسبب ازدواجيته في التعامل مع القضايا والمشاكل، تجد أن المشاكل العربية فقيرة الحلول، بل تتفاقم وتزيد تعقيدا.الغرب له مصالحه المتنوعة بالمنطقة، ويتحرك فيها بمنطق القوي في العالم. هذا المنطق خلاصته أن القوي يتحرك وفق رؤى واضحة محددة عنده، لا يهمه إن كانت تتوافق مع غيره، حتى على سبيل الافتراض أن العالم كله يعمل معا ضمن منظومة الأمم المتحدة، ووفق مبادئ وقوانين دولية متفق عليها.الواقع العملي اليوم يختلف تماما عن النظري والافتراضي. الغرب يتحرك بناء على مصلحته وليس مصلحة آخرين. قوته تسمح له باتخاذ القرار بل وتنفيذه باقتدار أيضا، وهي حقائق لا أدري لم لا نستوعبها في العالم العربي؟لا يجب أن نستغرب تحرك أساطيل وجيوش الناتو لحفظ مصالحهم تحت أي غطاء يكون. ما يحصل في سوريا كمثال، والدخول الفاضح للروس والأمريكان بالمنطقة، والاختلاف بينهم إنما لحفظ مصالحهم أولاً، ومن ثم التفاهم على تقسيمة مناسبة بين الطرفين ليس أكثر، وإن هلك الحرث والنسل. الحضارة الغربية تقود العالم اليوم ومنذ عدة قرون، وربما تستمر لفترة أخرى لا يعلم بها إلا الله، ومن يعش كتابع، فعليه أن يتحمل ويصبر ما يصدر عن المتبوع إلى أن يشاء الله أمرًا كان مفعولا، أو أن يعمل على تغيير واقعه. وبحسب منطق التاريخ أن من يقود غيره، تكون غالبًا قد توافرت له أسباب القيادة إلى أن يفقدها جميعًا بالتدريج أو دفعة واحدة، لكي تؤول القيادة إلى حضارة أخرى تكون قادرة على قيادة البشرية. هكذا حركة التاريخ أو السنّة الإلهية في الحياة "وتلك الأيام نداولها بين الناس".