06 نوفمبر 2025
تسجيلالفكرة الشمولية تبدو حاضرة في السلوك الإيراني الرسمي وأجهزة الدولة ومؤسساتها في تعاملها مع المواطنين، ولذلك نرى كثيرا من مظاهر الاستبداد وحالات القمع التي لا تتفق مع المبادئ والقيم السياسية والدينية والاجتماعية المعلنة، وذلك يضع كل مراقب ومتابع في حالة استغراب من تناقضات الدولة والسلطة في إيران التي وصلت مراحل متقدمة من التصعيد غير الإنساني مع المعارضين والذين يبدون رؤى وطروحات مغايرة لتوجهات الحكومة والرئيس الإيراني.لا تفرق السلطة في ظلمها بين معارضيها، فالجميع سواء وفي حالة عدل تام في ذلك، واستوقفني مؤخرا خبر اقتياد الصحفية الإيرانية مرضية رسولي إلى سجن إيفين لقضاء عقوبة بالسجن مدة عامين وتلقي عقوبة 50 جلدة، وذلك بعد إدانتها بنشر دعاية مناهضة للحكومة، وفقا لمصادر مقربة من الصحفية الشابة.الصحفية رسولي كل تهمتها وجريمتها أنها نشرت تغريدة على موقع تويتر تقول إنها أدينت بنشر "دعاية ضد المؤسسة وتكدير النظام العام من خلال المشاركة في تجمعات"، وذلك في قضية ترجع إلى يناير 2012م، وهي ليست وحدها وإنما هناك متعاطفون معها، فقد قال ناشطون حقوقيون في صفحة على موقع فيسبوك مخصصة للدفاع عن قضيتها إن التلفزيون الإيراني اتهمها بعد فترة قصيرة من اعتقالها في ذلك العام بأنها على صلة بأجانب، حيث أفرجت عنها السلطات بكفالة انتظارا لمحاكمتها.ولعل الجيد في الخبر أنها بانتظار محاكمتها، ما يفتح نافذة أمل حتى ولو في سياق نظري، ولكن المؤكد أن ممارسة الشمولية في النموذج الإيراني لا تبشر بخير، ولن تفيد تجربة الحكم هناك، خاصة أن الجماعات المعارضة لن تقبل بسياسات حكومية ترتكز إلى مرجعيات دكتاتورية لا تعترف بالرأي الآخر فيما هو موجود ويتنفس ويطالب بحقوقه الإنسانية والدستورية.بنظرة موضوعية قد يكون لإيران الدولة الحق في مطالبة معارضيها بقليل من العمق الوطني وهي تواجه تهديدات جدية تتعلق بملفها النووي، ولكن ذلك لا يعني إنتاج جهاز "السافاك" من جديد والحياة ضمن دولة بوليسية قمعية تجعل المواطنين أمام خيارين أحلاهما مر، انهيار الدولة أو العيش دون كرامة وحقوق، ذلك غير سليم ولا يتفق مع معايير حقوق الإنسان، والمطلوب أن توازن الدولة بين الحقوق الوطنية والإنسانية حتى لا تفقد كل شيء.