11 نوفمبر 2025
تسجيلمنذُ أسابيعَ ونحنُ نعيشُ حالةً دَوليةً من الخروج على القانون، بدأتْ بحصارٍ فرضته على بلادِنا دولٌ لم تجرؤ يوماً أنْ تُلوِّحَ به ضدَّ الكيانِ الصهيونيِّ، ولا أنْ تُشيرَ مجردَ إشارةٍ إلى فَرْضِـهِ على الجزرِ الإماراتيةِ التي تحتلُّها إيرانُ كنوعٍ من استعراضِ القوةِ. ثم تَضخَّمتِ الحالةُ بقيامِ الدولِ الـمُحاصرةِ بأفعالٍ مُشينةٍ تُذكرُنا بالعصاباتِ التي تختطفُ طفلاً وتُحدِّدُ لأهلِـهِ فترةً زمنيةً لدَفْعِ الفديةِ وإلا قامت بقتلِـهِ. لكن الـمُلفتَ للنظرِ في كلِّ ما جرى هو العَلَنيةُ في ارتكابِ جريمةِ الحصارِ وتوابعِها، وكأننا نعيشُ في عصورِ ما قبل ظهورِ الدولةِ الحديثةِ، والقوانينِ الدَّوليةِ، والأخلاقِ الإنسانيةِ.في كلِّ هذهِ الـمَعمعةِ التي شهدنا فيها انحطاطاً أخلاقياً وسياسياً في إعلامِ أبو ظبي وحلفائها، بَيَّنَتْ جريمةُ الحصار أننا أمامَ حالةٍ جديدةٍ ينحسرُ فيها الدورُ السعوديُّ لصالحِ دورٍ ظبيانيٍّ ترفضُـهُ الشعوبُ، ولا تقبلُ به الدولُ لأنه يقومُ على الانحيازِ للاستبدادِ، وتدمير الدولِ وتقسيمِها. هذا الانحسارُ كان مؤشِّراً خطيراً لـمرحلةٍ ستشهدُ انهيارَ مجلسِ التعاونِ، وانتشارَ العنفِ والانقلاباتِ في منطقةٍ لا تتقبَّلهما، ولا تستطيعُ مواجهةَ نتائجهما. ولذلك، كانت سياستُنا، منذُ البدءِ بجريمةِ الحصارِ، ترتكزُ على الدفاعِ عن الذاتِ وعدمِ الانجرارِ لـمعاركَ إعلاميةٍ، حرصاً منا على توكيدِ الـمكانةِ الساميةِ للسعوديةِ وقيادتِها. إلا أننا نلاحظُ أنَّ أبو ظبي لا تريدُ إلا تحقيقَ رؤيتها الـمُشوَّهةِ القائمةِ على تقزيمِ الدورِ السعوديِّ، وجَرِّ الـمملكةِ إلى زاويةٍ صغيرةٍ يضمحلُّ فيها حجمُها الضخمُ جداً في نفوسِ العربِ والـمسلمينَ. فحكامُ أبو ظبي يتحدثون علانيةً عبر أبواقهم عن الدعوةِ لانقلابٍ في قطر، ويترددُ صدى تلك الدعوةِ في إعلامِ الـمملكةِ بعد إضافةِ بهاراتِ الشتائم البذيئةِ التي تمسُّ الشعبَ القطريَّ وقيادتَـهُ. وهو ما يؤكدُ أنَّ قيادةَ الحلفِ ليست في الرياضِ وإنما في أبو ظبي. ها هي سفينةُ الحلفِ الذي تقودُهُ أبو ظبي راسيةٌ في الأُفقِ البعيدِ مُهَـدِّدَةً بلادَنا بالرضوخِ الكليِّ، أو بتصعيدِ الحصارِ ليصلَ إلى أعمالٍ إرهابيةٍ كالتفجيراتِ والاغتيالاتِ، كما صَرَّحَ الساقطونَ في مجمعِ الصرفِ الصحيِّ الـمُسمى بالإعلامِ الـمصريِّ، وإلى تغييرِ نظامِ الحكم في بلادنا، كما دعا الساقطون الظبيانيون كضاحي والحبتور. هذا الدورُ الذي تقومُ به أبو ظبي بالغُ الخطورةِ على دولِ الخليجِ، أنظمةً سياسيةً وشعوباً، وسيقودُ، في حال سماحِ الـمملكةِ باستمرارِهِ، إلى تشريعِ الإرهابِ والفكرِ العُنفيِّ اللذينِ تُحاربهما قطرُ بوسائلَ كثيرةٍ منها التعليمُ الـمتقدمُ، والحرياتُ، وعدمُ التدخُّلِ في شؤونِ الدولِ أو السماحِ بما يُقَوِّضُ أمنَها واستقرارَها، وأخيراً الـمشاركةُ في مواجهةِ الجماعاتِ الإرهابيةِ أمنياً وعسكرياً. الـمُضحكُ في جريمةِ الحصارِ هو دخولُ النظامِ الانقلابيِّ الـمصريِّ الذي يقودُهُ موظفُ أبو ظبي في القاهرة: عبد الفتاح السيسي، على خطِّ الـمواجهةِ مع بلادِنا. وهذا أمرٌ ليس مُستغرباً من نظامٍ يقومُ على الارتزاقِ والتَّعَـيُّشِ على دماءِ العربِ والـمسلمينَ، لكن الـمستغربَ هو ما يُروِّجُـهُ الإعلامُ الـمصريُّ الساقطُ من تبريراتٍ لذلك. فهذا الإعلامُ لا يدري أنَّ مصرَ في عصرِ السيسي أصبحتْ دولةً وظيفيةً بلا دورٍ ولا تأثيرٍ في محيطِها العربيِّ، وينحصرُ دورُها في كونها أداةً في الـمشروعِ الصهيونيِّ، ومخزناً للمُرتَـزِقةِ الذين يُؤجَّرونَ لـمَنْ يدفعُ أكثرَ، كحالِ الـمُرتزِقةِ الذين أرسلتهم لجزيرةِ البحرينِ. كلمةٌ أخيرةٌ: قطرُ دولةٌ حرةٌ ذاتُ سيادةٍ وليستْ تابعةً للحلفِ الظبيانيِّ، وصفُّها الداخليُّ صلبٌ متماسكٌ مُدركٌ لحقيقةِ الأهدافِ الظبيانيةِ، والقطريونَ ملتفونَ حول قائدِهِم ورمزِ كرامتهم ووطنيتِهم، سموِّ الأميرِ الـمفدى، ولن يسمحوا بالـمَسِّ بسيادةِ بلادِهم، وإيقافِ نهضتِها، ونَهْبِ ثرواتِها، وعزلِها عن أمتها.