11 نوفمبر 2025
تسجيلاستمرت حالة العجز في موازنات دول الاتحاد الأوروبي خلال العام الماضي، فيما عدا تحقيق أستونيا فائضا طفيفا للغاية وتوازن الموازنة السويدية، وهكذا حققت 25 دولة عجزا بموازناتها من إجمالي عدد دول الاتحاد البالغ 27 دولة. إلا أن المشكلة تزداد بارتفاع نسبة العجز عن نسبة الثلاثة بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي التي حددها الاتحاد الأوروبي لدى 22 دولة، حيث بلغت نسبة العجز 32 % لدى أيرلندا 10.5 % باليونان و10.4% بإنجلترا، كما زادت عن التسعة بالمائة لدى إسبانيا والبرتغال ليصل المتوسط الإجمالي لنسبة العجز بدول الاتحاد 6.4%. وترتب على وجود العجز في موازنات معظم الدول خلال السنوات الماضية، تفاقم مشكلة الديون الحكومية بها، والتي زادت قيمتها بدول الاتحاد لتصل إلى 12.7 تريليون دولار بنهاية العام الماضي، وهو ما يمثل نسبة %80 من الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوربي، بعد أن كانت النسبة 74% بالعام الأسبق. وتخطت نسبة الدين الحكومي إلى الناتج المحلي نسبة الستين بالمائة التي حددها الاتحاد الأوربي كحد للأمان لدى 14 دولة كان أعلاها باليونان بنسبة 142.8% لتحتل المركز الخامس دوليا في ارتفاع نسبة الدين للناتج، ثم إيطاليا بنسبة 119%. و96.9% في بلجيكا و96.2% بأيرلندا و93% بالبرتغال. وتعود مخاطر الدين السيادي إلى التأثير السلبي الذي تسببه في ظل التشابكات بين الاقتصادات الأوروبية، وقيام الدول الأوروبية إلى جانب صندوق النقد الدولي بتقديم قروض لليونان وأيرلندا والاستعداد لإقراض البرتغال، وتزداد المخاوف من تكرار طلب المساعدة من جانب كل من إسبانيا وبلجيكا، رغم نفي الدولتين حاجتهما للمساعدة. وقام البنك المركزي الأوربي بشراء السندات التي تصدرها دول منطقة اليورو، كما بدأ الاتحاد الأوربي في اتخاذ إجراءات لإصلاح الإدارة الاقتصادية الأوروبية من خلال إنشاء آلية للمراقبة الاقتصادية تعطي إنذارا مبكرا، والاتجاه لزيادة الانضباط المالي وتقوية المؤسسات الوطنية وإعطاء مهلة ستة أشهر قبل إجراء عقوبات على الدول المتسببة في الديون والعجز. وتطلب الأمر قيام عدد من الدول بإجراءات تقشفية لخفض عجز الموازنة منها إنجلترا وإسبانيا، إلا أن البعض يرى أن ما قام به الاتحاد الأوروبي من إقراض للدول المتضررة بالديون السيادية لا يساعد على حل مشكلتها، حيث إن المساعدة تشترط تقليص الإنفاق، وهو أمر ينعكس على استمرار الكساد الاقتصادي وانخفاض النمو، مما يقلل القدرة على سداد الديون، ويرتبط بذلك ما تتردد عن قيام اليونان بإعادة هيكلة ديونها مما يمكن معه قيام دول أخرى بنفس المسلك. الأمر الآخر أن ديون الدول التي طلبت مساعدة أو المرشحة لطلب مساعدة تخص بنوكاً لدول أوروبية أخرى، مما يعني تضرر تلك المصارف في حالة تأخرها عن السداد، ولقد انعكست أزمة الديون السيادية الأوروبية على توقعات النمو للعام الحالي. حيث توقع صندوق النقد الدولي تراجع معدل النمو بدول اليورو عما كانت عليه بالعام الماضي، خاصة في دول ألمانيا وإيطاليا وهولندا وبلجيكا.. كذلك ارتفعت معدلات البطالة بتلك الدول حتى بلغت في مارس الماضي 20.7% بإسبانيا و14.7% بأيرلندا وأكثر من 14% باليونان بنهاية العام الماضي. ويظل السؤال حول تأثير عجز الموازنات الأوروبية وارتفاع نسب الديون السيادية الأوروبية على الدول العربية، ويأتي الأثر من عدة أوجه أبرزها توقع تأثر السياحة الواردة من دول الاتحاد للمنطقة العربية، ويعزز ذلك الاضطرابات السياسية التي تشهدها المنطقة العربية، كذلك توقع انخفاض المعونات التي تقدمها الدول الأوروبية للدول العربية. أيضا صعوبة اقتراض الدول العربية من البنوك الأوربية في ظل ما تعانيه من مخاطر لديونها للدول المتضررة بالديون السيادية، إلى جانب انخفاض تصنيف عدد من الأنظمة المصرفية العربية مؤخرا، كذلك تأثر تحويلات العرب المقيمين في تلك الدول إلى ذويهم في بلدانهم العربية خاصة المغاربية. وفي ظل ارتفاع معدلات التضخم التي بلغت 2.8% بمنطق اليورو في أبريل الماضي وتخطت نسبة الثلاثة بالمائة بالاتحاد الأوربي، مما يؤثر سلبا في القدرة الشرائية للمستهلكين، فإن ذلك يمكن أن ينعكس نسبيا على الصادرات العربية لتلك الدول.