07 نوفمبر 2025

تسجيل

دول الخليج والملف النووي الإيراني

04 أبريل 2015

توصلت إيران والقوى العالمية إلى ما تمكن تسميته اتفاق إطار للبرنامج النووي الإيراني بعد محادثات ماراثونية مطولة قد تفضي في نهاية يونيو القادم إلى اتفاق نهائي يخرج إيران من عزلتها الدولية مع رفع العقوبات المفروضة عليها. تبقى تفاصيل الاتفاق غير متاحة للنشر لما يحوي الملف من حساسية عالية لكلا الجانبين، خاصة إيران التي تشعر بالقلق إزاء التوقيع على أهداف واضحة لتقليص برنامجها النووي في غياب تسوية نهائية تتضمن رفع العقوبات الاقتصادية، علما بأن المُسرّب منه يتحدث عن قيود على تخصيب لليورانيوم لمدة عشرة أعوام. الرئيس الأمريكي بارك أوباما اعتبره تفاهما تاريخيا توصلت إليه القوى الدولية مع إيران، ستمتنع إيران بموجبه عن حيازة السلاح النووي في حال تم تطبيقه كاملا بعد أن وافقت على نظام شفافية وعلى عمليات تفتيش هي الأكثر عمقا في تاريخ التفاوض حول البرامج النووية على حد وصفه. في حين لم يشاطره رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي هذا الحماس، داعيا إلى إتاحة الفرصة للكونجرس لبحث الاتفاق علما بأن رسالة بعث بها الكونجرس سابقا إلى إيران هدد فيها بأن الرئيس الأمريكي القادم سيشطب بجرة قلم أي توقيع لأوباما على تفاهم نووي لا يلبي طموحات الكونجرس، وهو ما أرعب إيران التي أصرت على ضرورة رفع كامل للعقوبات في حال توصلت مع القوى الدولية إلى اتفاق إطار بشأن برنامجها النووي. على أي حال لا يزال هناك المزيد من العمل قبل أن يكون هناك اتفاق مقبول بين الطرفين وفقاً لما قاله الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند الذي تعهد بمراقبة دائمة لفرنسا مع شركائها الدوليين لضمان إبرام اتفاق يعتد به ويمكن التحقق منه، يمكن أن يضمن للمجتمع الدولي أن إيران لن تكون في وضع يتيح لها الحصول على أسلحة نووية. والسؤال المحوري الآن كيف تنظر الدول العربية وتحديدا دول الخليج لهذا الاختراق الدبلوماسي مع طهران، لاسيَّما وأن الصراع الإيراني السعودي على أشده اليوم. لا ننسى هنا ما قاله الأمير تركي الفيصل رئيس الاستخبارات السعودية السابق لهيئة الإذاعة البريطانية قبل فترة: إن أي نتيجة تصل إليها المفاوضات الدولية مع إيران، فإن السعودية تريد الأمر نفسه، مضيفاً: "إذا ما حصلت إيران على القدرة على تخصيب اليورانيوم إلى نسبة معينة، فليست السعودية لوحدها التي ستطلب الحصول على ذلك. العالم بأسره سيسلك هذا الاتجاه دون أي رادع".دول الخليج وعلى رأسها السعودية تنظر بقلق وريبة للاتفاق النووي بين إيران والغرب. وتخشى الرياض من صفقة سرية إيرانية أمريكية على حساب مصالحها في الخليج والمنطقة، ثم إن الحديث عن دعم باكستاني عسكري للسعودية، هدفه توظيف القنبلة النووية الباكستانية في الصراع الإيراني السعودي المتفاقم هذه الأيام ويترجم في اليمن بحرب ضروس تسعى من خلالها السعودية لتحويل الحوثيين إلى حزب سياسي غير مسلح وفك تحالفهم كليا مع إيران. كما تسعى لتعزيز حضورها وطرد أي نفوذ إيراني لاسيَّما على حدودها وفي المياه الإقليمية اليمنية، إذ إن الملاحة البحرية في البحر الأحمر وبحر العرب هي حق دولي مهدد اليوم من إيران وفق الرؤية الخليجية وبالتالي مطلوب حمايتها، لاسيَّما وأن كلّ نفط الخليج تقريبا يمر عبر هذه الممرات المائية. ولن تكف السعودية عند حدود الغارات الجوية، بل قد يتطور عملها إلى توغل بري مسنود بقوات عربية في حال فشلت في تحقيق أهدافها عبر الضربات الجوية المساندة للّجان الشعبية المحسوبة على الرئيس اليمني منصور هادي. وقد بادرت السعودية في عهد الملك سلمان لأخذ زمام المبادرة وعدم الركون إلى الحليف الأمريكي في حماية مصالحها. وسياسات الملك سلمان تعيد ترتيب أولويات المملكة خارجيا، حيث تعتبر إيران المهدد الأول لأمنها وأمن الخليج، لذا هو يسعى لتخفيض الخلاف العربي- العربي إلى حده الأدنى، على أن توحد الجهود لمواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة.ومن المرجح أن يكون نجاح السعودية في اليمن مبررا لتدخل عربي- تركي بالتعاون مع دول غربية قادم في سوريا للقضاء على النظام السوري وقطع النفوذ الإيراني فيه، علما بأن سيناريوهات التدخل في سوريا، إن صحت، فهي مرتبطة بعوامل واستحقاقات عديدة، منها النجاح العسكري في اليمن، فوز حزب العدالة والتنمية في تركيا في انتخابات يونيو القادم، وأد الخلاف التركي القطري المصري.