05 نوفمبر 2025
تسجيل"إعلان فيّنا" الذي انبثق عن منتدى الأمم المتحدة الخامس لتحالف الحضارات المنعقد نهاية الأسبوع الماضي تحت عنوان "تعزيز القيادة المسؤولة في مجالي التعددية والحوار" تم التأكيد فيه على التزام الحكومات والمنظمات الدولية من مختلف أنحاء العالم بتعزيز الحوار بين الثقافات والدعوة إلى تحقيق السلام والحوار بين الأمم، بما فى ذلك قضايا سوريا، ومالي، وقضية السلام بين إسرائيل وفلسطين. وفي ذات اليوم الثاني لانعقاده اجتمع اصدقاء سوريا في روما في سبيل تقديم حلول عملية لمساندة الائتلاف السوري ضد نظام بشار، وتنوعت طرق الدعم بل اختلفت وانبثقت لنا من المترددين والمعسرين — كبار اللاعبين الدوليين — على إثرها مساندة خجلى أو مشروطة تتوجها مخاوف عدة من مسميات عدة لأجنحة لتنظيمات صبغت — وللأسف — بشبهة التسمية البريئة "إســـــلاميـــّة" أبعدت القضية اجمالا عن حقوق الانسان والشعوب في تقرير مصيرها الى استخدامها في رسم خرائط محددة لمصالح أمم كبرى تناوشتها أهداف متعددة. ممثل منظمة الأمم المتحدة السامي لمنتدى تحالف الحضارات أكد الاسبوع الماضي: "سوف نسعى جاهدين لاستخدام الأدوات المتوافرة لدينا فى ظل ظروف صعبة تسود جميع أنحاء العالم"، معتبرا أن هذا التوجه يجعل التحالف أكثر نشاطا فى معالجة التوترات الحادة بين الأعراق والأديان". اعتقد انه بين خطوط الطول ودوائر العرض وفروق سنوات تواتر انعقاد المنتدى بين كل من مدريد واسطنبول وريودي جانيرو والدوحة و — أخيرا — فيـّنّا على التوالي، ومن خلال تتبعنا لأحداث العالم، والشرق الأوسط على وجه الخصوص مرت أحداث دولية صاعقة ومبكية وصادمة لا تبشر بالخير بل وتجعلنا جميعا — وعلى النقيض — من إيماننا بالهدف العام لمثل هذه التحالفات نتشكك في فاعلية وجدوى اجتماعات الحوار هذه، كما تشككنا مسبقا في جدوى وجود الأمم المتحدة ذاتها، فهل هو حوار مسموع ام حوار طرشان؟ وهل حققّ مكاسب للتقريب بين الأمم والأعراق فوق تلك الفرقة التي احدثتها أمّه الحاضنة "الأمم المتحدة" في اجتماعاتها السياسية الأعمق وفي جمعيتها العمومية ومجلسها؟ وهل تجاوز دوره التنظير والتأطير منذ سنوات خلت لتتجاوز كلمات وحوارات وأوراق عمل مصيرها مخزون الموقع الالكتروني لتحالف الحضارات في بيت الأمّ — الأمم المتحدة في الحاضنة نيويورك حيث تقع الجمعية العامة لها التي صادقت عام 2005 على تأسيس منتدى تحالف الحضارات التابع للامم المتحدة (UNAOC) بهدف تعزيز الحوار الثقافي بين الحضارات وهل حاضنته هي سبب عدم فاعليته؟ الألم العميق ان ما حرصت عليه البشرية من حوار هدفه الانسان أولا — باني الحضارات — دمّر، فقد سُحق الإنسان وانسحقت حقوقه لا بفعل أنظمة دكتاتورية طاغية فحسب بل بفعل مؤامرات دولية لها أقطاب كبرى تحرّك دفة الأحداث دمية في يديها، أما التراث الحضاري المادي فقد اهتمت اليونسكو به ولكنها مجرد أداة فلم تستطع — وهي المنظمة البنت — لم تستطع معارضة الكيانات السياسية الداعمة للمحافظة لا على الشعوب ناهيك عن الحضارات وثقافاتها وطرقها. وأسوق مثالا مؤلما: لقد وُطِئ الانسان في سوريا واستبيح دمه ولم تنفعه أمم متخاذلة... فمشت مصالح الدول الكبرى على أشلاء ممزقة لأبرياء سوريا، ووُطِئت أراضٍ تاريخية وحواضر دولة اسلامية مزدهرة كما دمرت معالم إرث تاريخي وجوامع هي منارات في العاصمة دمشق، وحلب تلك التي تشكلت فيها أوّل قنصليَّة أوروبيَّة في المشرق العربيّ 1230م وكانت المدينة الثانية بعد اسطنبول فترة الامبراطوريَّة العثمانيَّة تلك التي زفرت فيها الروح البشرية أنفاسها وهي التي مهدت طريق الحرير البري لقوافل بين الحضارات المتعددة وأمم وأعراق حملت شعارا جميلا: (نحنُ نحبّ حلبْ) فغدت حلب وقاطنوها وغيرها وغيرهم اليوم وللأسف مواريث المصالح ووليمة الغدر لا الحبّ. مواقف الأمم المتحالفة شكليا في مؤتمرات دولية تجعلنا نعيد الوقوف أمامها لأننا لا نؤمن إلا بقيمة من يقول ويفعل لأجل الإنسان أولا وللحوار الثقافي الفاعل وحفظ تراثه الذي قد تقوده فعلا دولة صغيرة أو بضع بشكل أفضل دون مؤتمرات وتنظير وأطر أممية خصوصا إذا ما كانت تحت سقف معرقل هو الأمم المتحدة إذ قد تشطح به تلك التنظيمات الدولية لتلوي أعناق الأفعال الى أحاديث نظرية فقط تمزّق أواصرالشعوب أكثر وأكثر لأنها أضعف حلقة من قوى كبرى وراءها تهدم الحضارات وحقوق الشعوب وتستبيحهم بمكاسب لا تتأتّى لها إلا بتصفيات جسدية وحضارية أيضا.