09 نوفمبر 2025

تسجيل

الاقتصاد السعودي يعيش أحلى أيامه

04 مارس 2012

يعيش الاقتصاد السعودي أحلى أيامه بالنظر إلى ظاهرة الفوائض المالية المتحققة فضلا عن تراجع مستوى عجز المديونية العامة في العام 2011. فقد أسهم ثنائي زيادة الإنتاج النفطي من جهة وبقاء أسعار النفط إلى ارتفاع حجم الإيرادات لأكثر من الضعف من 144 مليار دولار إلى حوالي 296 مليار دولار. بدورها، وفرت حالة زيادة دخل الخزانة الفرصة لرفع مستوى النفقات العامة من 155 مليار دولار إلى 214 مليار دولار في نهاية المطاف.وعلى هذا الأساس، تعزز الفائض المالي بشكل كبير إلى نحو 82 مليار دولار أي أكثر من 14 في المائة من حجم الناتج المحلي الإجمالي للمملكة في 2011 وقدره 577 مليار دولار. وللتدليل على أهمية الفائض، يلزم مشروع الاتحاد النقدي الخليجي والذي دخل حيز التنفيذ مطلع العام 2010 بتقييد مستوى عجز الميزانية عند 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وقد سمحت ظاهرة تعزيز الإيرادات بقيام السلطات السعودية في العام 2011 بإقرار مخصصات قدرها 130 مليار دولار للصرف على مختلف البرامج الاجتماعية إضافة إلى بناء مساكن جديدة فضلا عن منح علاوات وتسهيلات متنوعة للمواطنين بغية تحسين رفاهية الشعب السعودي. ولا بد من التأكيد على أن المبلغ ليس مرتبطا بالسنة 2011 وحدها لكنها بدأت منها ما يكسبها نتائجها الاقتصادية أهمية خاصة. كما من شأن تعزيز النفقات العامة والتي بدورها تشجع مستثمري القطاع الخاص باتخاذ خطوات مماثلة العمل على إيجاد حلول لمعضلة توفير فرص عمل مناسبة للشباب السعودي والباحث عن وظائف تتناسب وتطلعاته. تعتبر البطالة مسألة مهمة في السعودية كونها تتراوح ما بين 9 إلى 10 في المائة في أوساط المواطنين الداخلين ضمن القوى العاملة والنشاطين في البحث عن العمل.وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن الفئات العمرية الشابة تشكل السواد الأعظم من العاطلين في السعودية الأمر الذي يعد أمرا مقلقا. وبشكل أكثر تحديدا، تتركز البطالة السعودية في الفئة العمرية ما بين 20 إلى 24 سنة يمثلون فيما بينهم 43 في المائة من العاطلين. وبينت أحدث الإحصاءات أن غالبية العاطلين من الذكور وتحديدا 47 في المائة هم من الفئة العمرية 20 حتى 24 سنة. وفيما يخص الإناث، لوحظ بأن 46 في المائة من العاطلات هن من الفئة العمرية 25 إلى 29 سنة. مؤكدا، يخسر الاقتصاد السعودي بعض الشيء بسبب انتشار البطالة في أوساط الشباب أي من الفئة العمرية الأكثر قدرة على العطاء والمساهمة بشكل بناء في التنمية. في المقابل قد يشكل العاطلون تهديدا للسلم الاجتماعي خصوصا إذا ما أصابهم اليأس والإحباط بالحصول على فرص لتحقيق مآربهم الوظيفية. وفي خطوة مقدرة على المستوى الشعبي، خصصت الجهات المسؤولة 66.7 مليار دولار من الفائض المشار إليه لغرض إنشاء 500 ألف وحدة سكنية موزعة على جميع مناطق المملكة المترامية الأطراف. تعتبر هذه الخطوة صحيحة لأن الصواب يقتضي توظيف إمكانات البلاد لحل المشكلات المستعصية، إذ كما هو الحال مع بقية الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، ليس بمقدور نسبة كبيرة من المواطنين تعمير مساكنهم دونما الدخول في التزامات مالية.وفي خطوة إيجابية أخرى، قررت السلطات الاستفادة من الفائض المالي لتقليص مستوى المديونية العامة من نحو 45 مليار دولار في العام 2010 إلى 36 مليار دولار في 2011. وعلى هذا الأساس، تقلص مستوى المديونية من الناتج المحلي الإجمالي من قرابة 10 في المائة في 2010 إلى أكثر بقليل من 6 في المائة في 2011 الأمر الذي يعزز من المكانة والسمعة المالية للمملكة على مستوى العالم. يشار في هذا الصدد إلى أن مشروع الاتحاد النقدي الخليجي والذي دخل حيز التنفيذ مطلع العام 2010 يقيد مستوى المديونية العامة عند حاجز 70 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وهذا يعني فيما يعني بأن السعودية لا تعاني من أزمة مالية عامة لا من قريب ولا من بعيد. إضافة إلى ذلك، نجحت السعودية في تعزيز الفائض المسجل في ميزان المدفوعات من 67 مليارا في العام 2010 إلى نحو 160 مليار دولار في 2011 بسبب ثنائي أسعار النفط المرتفعة والإنتاج النفطي المرتفع. والثنائي عبارة عن بقاء متوسط أسعار النفط فوق حاجز 100 دولار خلال 2011 لأسباب تشمل ظهور معضلات في بعض الدول المنتجة للنفط مثل ليبيا. للأسف الشديد، لا تنشر السلطات السعودية لجزء من السياسة المحافظة للمملكة، بل يقتضي الصواب نشر هكذا إحصاءات جوهرية بالنظر للأهمية النسبية الكبيرة للقطاع النفطي في الاقتصاد السعودي. فضلا عن أسعار النفط المرتفعة، نجحت السعودية في تعزيز مستوى الإنتاج النفطي متخطية حاجز 10 ملايين برميل في اليوم بغية التعويض عن حالة الاضطراب التي أصابت الأسواق بسبب عدم استقرار الإنتاج النفطي الليبي خلال فترة الثورة. تتمتع السعودية بطاقة إنتاجية قدرها 12 مليون برميل في اليوم وهو أحد الأسباب التي تقدمها السعودية لأسواق النفط العالمية بقدرتها على التعويض عن النفط الإيراني في حال حدوث أي تطور بسبب العقوبات الأوروبية المفروضة لأسباب تشمل برنامجها النووي واختلاف التوجهات السياسية. تعتبر السعودية ثاني أكبر دولة منتجة للنفط بعد روسيا لكنها أكبر دولة مصدرة للنفط الخام في العام. لكن تستخدم روسيا صاحبة أكبر مساحة في العالم جانبا من إنتاجها النفطي للسوق المحلية. وفي كل الأحوال، المطلوب توظيف الفوائض النفطية لتقليص الاعتماد على القطاع النفطي والذي يشكل نحو ثلاثة أرباع إيرادات الخزانة العامة والصادرات وأكثر من ثلث الناتج المحلي الإجمالي. فالظروف مواتية وضرورية لهذه الخطوة الإيجابية نظرا لتعزيز دخل الخزانة العامة من جهة وأهمية إيجاد فرص عمل للمواطنين من جهة أخرى. [email protected]