13 نوفمبر 2025
تسجيلمنذ زمن ليس بالقصير والكاتب ينبه إلى أهمية التفات النظم الحاكمة في الخليج العربي إلى حال أبناء هذه المنطقة المهمة من الوطن العربي والتي يسيل لعاب الكثير من الدول الآسيوية المجاورة والغربية كلما ذكر اسم الخليج العربي وأزماته، بغية قطف ثمار أي اختلال في التوازن السياسي بين الحاكم والمحكوم. لا يمكن لولاة الأمر أن يغمضوا أعينهم عما يجري حولهم ولا التقليل من ما يحدث في دول مجلس التعاون. لا يمكن لحكامنا أن يعتقدون لحظة بأنهم قادرون على ضبط إيقاع الأحداث المتصاعدة في هذه المنطقة من العالم عندما تتصاعد. صحيح أن جميع دول مجلس التعاون من دون استثناء يوجد بها قواعد عسكرية أميركية وفرنسية وبريطانية وأن معظم حكامنا يراهنون على أن هذه القواعد ستكون في خدمتهم إذا تصاعدت وتيرة المطالب الشعبية في هذه الدول، لكن يجب التنبه بان الأمر ليس بالسهل على دول تلك القواعد خاصة إذا كانت المواجهة بين الشعب المطالب بحقوقه والحكومات التي ترفض إعطاء تلك الحقوق. صحيح أن بعض هذه الدول تراهن على تدخل بعض دول المجلس للمساعدة في حالة اتساع دائرة المطالب السياسية، ولكن يجب أن يؤخذ في الحسبان بان هذه الجماهير أيضاً قد تلجأ إلى دول الجوار تنشدها العون والحماية من بطش الباطشين ويتأزم الحال وتقع الطامة الكبرى. في دول الخليج إعصار سياسي بداء بالكويت بعد الغزو الأمريكي ــ البريطاني للعراق عام 2003 وكل يوم يتصاعد ويأخذ أشكالا متعددة ولم تسلم البحرين من ذلك الإعصار وتمدد إلى سلطنة عمان وتحت رمال الربع الخالي أجيج نار حامية لم تصل إلى أن يتفجر البركان الصحراوي، بمعنى آخر، ليس هناك دولة خليجية محصنة من الأعاصير السياسية لأن شيوع الفساد وتجذر الاستبداد وانعدام الحريات والعبث بالمال العام وعدم الاهتمام بكرامة وإنسانية المواطن كل تلك العوامل تدفع بالمواطن الخليجي إلى اللجوء إلى الشارع لتحقيق مطالبة العادلة. (2) الخليج العربي ليس تونس ولا مصر وليس اليمن أو ليبيا، الخليج له تركيبة سكانية معينة لا مثيل لها في دائرة الدول العربية آنفة الذكر. في دول الخليج ما يزيد على سبعة عشر مليون آسيوي، العمالة الهندية على سبيل المثال تزيد على مليونين من البشر، يسيطرون على المؤسسات المالية (بنوك، صرافة، صناديق استثمارية، شركات تأمين.. الخ) كما يسيطرون على محطات الاتصالات السلكية واللاسلكية ونظم المعلومات في كل مرفق الدولة الخليجية. ماذا سيحدث لا سمح الله لو تصاعدت المواجهة بين نظم الحكم في الخليج العربي ومواطني تلك الدول. حتما سيحدث انهيار اقتصادي شامل واجتماعي وأمني لن تستطيع دول مجلس التعاون مجتمعة تجنب ذلك الانهيار. (3) ونذكر الغافلين، إذا كانت الحدود الليبية - التونسية والمصرية - الليبية غرقتا بالنازحين من ليبيا نتيجة للاضطرابات السياسية هناك ومعظمهم من إخواننا المصريين ولم تستطع هذه الدول إيجاد حل سريع لتلك المأساة الإنسانية الأمر الذي استدعى بريطانيا وغيرها من الدول الغربية في المساهمة في نقل تلك العمالة المصرية من الحدود إلى داخل مصر. هذا الإجراء لن يحدث في الخليج، ستأتي أساطيل هندية وغيرها من دول آسيا لا لنجدة عمالهم وترحيلهم وإنما لتمكينهم في ارض الخليج تحت حماية تلك الدول الآسيوية وكذلك الحال مع إيران وسيكون تدخل الأخير بهدف طائفي وآخر فرض السيادة على ما تستطيع استقطاعه من هذه الدول مع القوي الآسيوية الأخرى، من هنا يأتي حكمنا بأن الخليج العربي غير الدول العربية الأخرى لكن من حيث الكثافة السكانية المهاجرة وما تمثله من قوة. (4) ما هو الحل إذا؟ المواطن الخليجي يرحب بما قدم له من علاوات مادية ومعونات وتعويضا عن البطالة والتوسع في سداد مديونيات المواطنين، ورفع الفوائد عن القروض العقارية، والوعد بمشروع وطني للتنمية في البحرين وعمان، وفتح مجالات عمل تزيد عن 50 ألف وظيفة كما حدث في عمان وغيرها من دول المجلس، لكن هذه حلول آنية ترقى إلى درجة الاسترضاء ا وإن شئت الرشوة بهدف إسكات المواطنين عن المطالب الأساسية. الرأي عندي هو الاستجابة السريعة إلى المطالب الشعبية، وأن العمليات الترقيعية بزيادة المرتبات وإعطاء تعويضات للعاملين العاطلين عن العمل، وإقالة وزير ووضع وزير من ذات الشاكلة أمور لا تحل المشكل بل قد تدفع برفع سقف المطالب. والمواطن الخليجي يسأل: ما الذي يمنع الحاكم من تشكيل حكومة كل أربع سنوات، قابلة للتجديد لمرة واحدة؟ ما الذي يمنع الحاكم بان يكون رئيس السلطة التنفيذية (رئيس الوزراء) خاضع للمساءلة الشعبية عن طريق مجلس الشورى أو البرلمان أو وسائل الإعلام ؟ ما الذي يمنع أن يكون رئيس الوزراء منتخب من قبل الناس وهو تحت سلطة الملك أي ولى الأمر؟ ما الذي يمنع استقلال القضاء ونزاهته وسيادته. ؟ ما الذي يمنع أن يكون لكل محافظة أو إمارة أو ولاية حكومتها المحلية المنتخبة وتخصص لها ميزانية من المال العام وأن تكون مسؤولة عن أعمالها أمام المواطنين والحكومة المركزية؟ في اعتقادي الصادق أنه لا يوجد أي مانع من تحقيق التساؤلات المذكورة أعلاه طالما الذات الملكية ومن في حكمها أصحاب سيادة بعيدون عن المساءلة إلا إذا أخلوا بما عاهدوا الله عليه. آخر القول: تعالوا نردد قول الله عز وجل مع ولاة أمرنا "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" صدق الله العظيم (سورة المائدة - آية 2).