11 نوفمبر 2025

تسجيل

مرة أخرى أهدتنا تونس الأمل

03 نوفمبر 2014

شكرا لتونس الخضراء التي أهدت إلى شعوبنا مفتاح ثورات الربيع العربية ممثلا في دماء ابنها البطل محمد البوعزيزي التي سقت أرض تونس الخضراء مثلما سقت شعوبنا بحياة حرة كريمة، مثل كل ثورات الربيع العربية تنكبت ثورة الربيع العربي في تونس طريقها في البداية، كانت بداية حزينة ومرهقة ومخيفة، اغتيالات سياسية لناشطين سياسيين مرموقين جعلت الجميع في تونس وفي خارجها يضعون أيديهم على قلوبهم التي في الصدور. ولكن شعب تونس صمد أمام مؤامرات قوى الظلام الجاهلة، نعم ترنح وكاد يسقط من كثير عثاره ولكنه اعتدل وقام من عثاره، وكتب سطرا آخر من سطور ثورات العرب الناجزة، أثبت شعب تونس أنه جدير بأن يكون معلم الشعوب العربية فن الممكن السياسي، لقد رأينا حزب النهضة الإسلامي الفائز بأكبر الأصوات والمقاعد في انتخابات تونسية ديمقراطية شهد لها العالم بالشفافية والنزاهة، رأينا حزب النهضة وهو يدير حوارات رفيعة المستوى مع شركائه في الوطن يقدم لهم التنازلات المتوالية، تنازلا عقب تنازل، يقدم مصلحة الشعب التونسي والوطن التونسي على مصلحة الحزب الفائز في نادرة سياسية قليلة الحدوث في وطننا العربي المصاب بمرض الأثرة. في الأسبوع الماضي أصدر الشعب التونسي حكمه الانتخابي، فقد حزب النهضة هذه المرة عددا من مقاعده في البرلمان الجديد، ولكنه كسب أضعافها من حب وتقدير شعبه حين قبل قادته، متبسمين، حكم شعبهم الديمقراطي وقبلوا الخسارة غير الكبيرة بصدور رحيبة في ظاهرة - أيضاً - نادرة في عالمنا العربي. لقد أعطانا شعب تونس مفتاحا جديدا لكنز الديمقراطية العربية القادمة بإذن الله، وأعطانا الأمل بعد يأس وإحباط أوشك أن يعصف بكل أحلامنا المستقبلية ونحن نرقب ونشاهد العبث المهلك في اليمن الذي لم يعد سعيدا. وفي ليبيا التي أهدر ثوار الأمس دماءهم ودماء شعبهم في جنون فوضوي لا صلة له بالثورات والثوار، ولكننا نغني مع الشاعر العربي القديم للأمل الباقي في الوجدان والصدور، نغني مع الشاعر العربي القديم مؤيد الدين الطغرائي القائل: * أعلل النفس بالآمال أرقبها ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل ونهتف للمستقبل الديمقراطي القادم مع قدوم الفجر الديمقراطي المنفلت من تونس الخضراء، نهتف من الوجدان الظامئ لأي بصيص، ولا نملك غير هذا الهتاف، وحالنا هنا هي مثل حال المتنبي القائل: لا خيل عندك تهديها ولا مال فاليسعد النطق إن لم يسعد الحال نكرر التهنئة لشعب تونس المعلم ولقادته الجدد الذين ارتفعوا فوق الصغائر السياسية المعهودة في عالمنا العربي، وفتحوا لنا نافذة من أمل سيتسربل من خلالها النور والإشراق القادمين. ونقول: العقبى عند المنتظرين، ونردد مع الناشط التونسي قولته التي اشتهرت إبان مظاهرات الثورة الشعبية التونسية: لقد هرمنا ونحن ننتظر هذه اللحظة.أعنى لحظة الارتفاع إلى مصاف الأحلام الكبيرة.