03 نوفمبر 2025
تسجيلاختص الله أمتنا العظيمة ، باشرف وأعظم انجاز عرفته البشرية ، واستحق اعتماده تقويما زمنيا دقيق الحساب محكم الضبط ، انه انجاز فريد صنعه سيد البشر وخاتم الرسل عليه الصلاة والسلام ، الذي قاد أعظم حركة تصحيح حضاري غير مجرى التاريخ ، وأقام دولة الحق والعدل والسلام ، وحرر الانسان من براثن الشرك والجاهلية والضلال. دروس وعبر الهجرة النبوية ، بليغة مؤثرة ، يجدر بنا ان نتخذها نبراسا ينير دروبنا ، ومنهاجا تربويا تعليميا ، لتنشئة وتأهيل جيل يقود الأمم، ويعيد لامتنا مجدها التليد ، بعدما انحرفنا عن مسارنا التاريخي الذي تنحينا أو نحينا عنه . وفقدنا بذلك اهم مقومات حضارتنا وهيبتنا بين أمم وشعوب الأرض. ان التخلي عن أسس التقويم الهجري المجيد يفقدنا مزية ريادة وصدارة العالم . والعدول عن اعتماد التقويم الهجري جعلنا منقادين تابعين وقد كنا قادة متبوعين . ولابد ان نستعيد تقويمنا الزمني الصحيح في تنظيم شؤون حياتنا الخاصة والعامة وتنسيق جهودنا وإدارة أوضاعنا وترتيب مجريات أحداثنا المعاصرة واستشراف مستقبلنا بوعي والاستعداد لما يطرأ من متغيرات ومستجدات ، وكل ذلك وأكثر يتحقق باعتماد التقويم الهجري المجيد لما يمتاز به من ضبط محكم وحساب دقيق يفوق سواه . ليكون تقدير الموازنات المالية وحساب الرواتب والأجور وضبط مواقيت العمل والاجازات وتحديد أعداد وأعمار المواليد والوفيات ، وفق تاريخنا الهجري المجيد ، باعتباره مطلبا حضاريا أكيدا للمحافظة على هويتنا وتاريخنا العريق واستقلالية قرارنا السيادي ، وتميزنا الاصيل عن بقية الامم والشعوب.اعتماد التقويم الهجري القمري ضرورة شرعية حتمية ، واستجابة لأمر سماوي جليل ، يحقق مقاصد الشريعة العظيمة وإقامة حكم الله في الأرض ، ومن خلال التقويم الهجري نبرز شعائرنا ، ونحدد توقيتها ، ونثبت أعيادنا وأيام أمتنا المجيدة. واذا كان تاريخنا المشترك عاملا مهما في تجسيد وحدتنا الشاملة ، فان تقويمنا العربي الاسلامي موصل الى ذلك الهدف السامي . فكيف نحقق هذا المطلب الثمين ونحن نتجاهل فواصل تاريخنا الفاصلة ونهجر تقويمنا القويم ؟ ! يقول الإمام البغوي - يرحمه الله - مفسرا قوله تعالى " ان عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والارض " انها الشهور الهلالية التي يعتد بها المسلمون في صيامهم وحجهم وسائر أمورهم . وذهب القرطبي رحمه الله الى وجوب التمسك بالشهور والسنين التي عرفها العرب دون غيرهم من الروم والقبط والعجم . وقد أوصت اللجنة الدائمة للافتاء المسلمين باعتماد التاريخ الهجري الذي اجمع عليه الصحابة رضي الله عنهم وارخوا به دون احتفال او ضجيج ، وان استبداله بغيره كالتقويم الميلادي بمثابة استبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير. وتؤكد الدراسات ان التقويم الهجري كان معتمدا لدى الامم السابقة ، وان التقويم الميلادي اقل دقة ومصداقية من الهجري . فلماذا نبتغي تقويما بديلا دخيلا فاقدا للدقة والضبط السليم ؟! .والى متى يظل شبابنا مغيبون عن جمال واصالة تاريخهم الهجري ومسيرة أمتهم الحضارية الرائدة ؟ّ! . اجل اننا نغفل ونجهل مجدنا وتاريخنا العظيم مما يستدعي وقفة مصارحة وتذكير نجدد بها العهد مع تاريخ المجد . وهذا المطلب الحضاري العالمي نقدمه امام مجلس وزرائنا الموقر لاصدار قراره المنتظر باعتماد التقويم الهجري المجيد تقويما رسميا في دولتنا الحبيبة التي تضم دارا للتقويم ومرصدا فلكيا لرصد الأهلة والطوالع ، وتزخر برجال عظماء يعتزون بتاريخ أمتنا العربية المسلمة ويدركون واجبهم الشرعي والحضاري أمام الأجيال.