15 نوفمبر 2025

تسجيل

كي لا تتحطم القلوب الخيّرة

03 يونيو 2015

بالأمس تحدثنا لمن فاته المقال عن قصة سارة، الفتاة المصابة بالسرطان، شفاها الله وعافاها وجميع مرضانا ومرضاكم، وقلنا كيف أن كثيرين ساءهم ما جرى من استغفالٍ لأصحاب القلوب الرحيمة الطيبة والمحبة للخير، وكيف أنه تم استغلال مرض الفتاة الحقيقية التي لم يعرفها الناس إلا من خلال الصوت فقط، إلا أن بعض المجرمين، استخدموا صورة لفتاة أخرى أجنبية تتشابه في المرض مع سارة، لأجل استدرار العواطف وسرقة أموال التبرعات إلى آخر القصة المعروفة.وتحدثنا عن طرق أخرى للاستغلال البشع للقلوب الطيبة المحبة للخير، التي تكون على شكل بناء علاقات مع الطيبين، لا لأجل علاقة أخوية في الله، بل لتكون العلاقة جسراً لاستغلال قريب قادم.. وتساءلنا وقلنا: أليس لمثل هذه الأفعال غير الإنسانية حدود؟ ألا يجب وضع حد لهذا الاستغلال البشع أو لمثل هذه العلاقات غير الإنسانية، إن صح وجاز لنا التعبير؟.نعم أجد أهمية وضرورة إيجاد حد معين ووقف لذاك الانتهاز والاستغلال البشع لطيبة القلوب.حاول أن تتذكر كم مرة حاول البعض استغلال طيبتك أو كرمك معه، من المؤكد أنك ستجد البعض، وتتذكر على الفور وتتأسف لما بدر منهم، الذين تسببوا في أن تتغير مشاعرك الطيبة بعض الشيء بحيث لا ترجع إلى سابق عهدك، ذاك الطيب أو الكريم مع الجميع، حتى لو كان هناك من يستحق كرمك وطيبتك فعلاً، لماذا؟، لأن تجربتك السابقة أو بسبب تجارب استغلالية سابقة صرت تخشى تكرارها، فتمانع بعض الشيء حتى مع الصادقين، بل ربما وجدت نفسك صرت أصعب من ذي قبل، وهذا في حد ذاته مثلما أنه يريحك ويبعدك عن الاستغلال، إلا أنه يتعبك نفسياً، لأنك في الأصل صاحب طينة وفطرة طيبة.. تحب أن تعين وتُعان، ولكن الظروف تجبرك حيناً على ضبط تلك الرغبة الطيبة بداخلك، فتتكون عندك طيبة مغلفة بحذر شديد، خشية الاستغلال والانتهاز.وهذا ربما يفسر لماذا يحجم البعض عن التبرع الفوري لوجوه الخير، فالثقة اهتزت وتحتاج فترة ليست بالقصيرة لكي تعود إلى سابق عهدها.زبدة الحديث أن المسألة رغم كل تلك السلبيات، تحتاج إلى بعض التوازن، وهذا في حد ذاته أجده من التحديات الصعبة في الحياة، ولكن أحسب أنك على قدر التحدي، ذلك أن المؤمن كيّسٌ فَطِن، يدرك الخير من الشر، والصالح من الطالح، ويعتبر من أخطائه، والحكمة ضالة المؤمن، فحيث وجدها فهو أحق بها.