08 نوفمبر 2025
تسجيللم أشعر بالسعادة والاطمئنان لزيارة أي مسؤول مصري لدول الخليج العربية طيلة فترة حكم حسني مبارك والتي دامت قرابة الثلاثة عقود زمنية، كنت أتشاءم من خروج حسني مبارك من مصر إلى أي جهة كانت لأنه في كل مرة يخرج من مصر كانت تحل كارثة بدولة عربية أو أكثر أو كارثة تمس قضايا أمتنا العربية والإسلامية. لا أستطيع أن أكتم سعادتي وانشراح قلبي عندما قام رئيس وزراء مصر الجديدة الدكتور عصام شرف بأول زيارة له خارج حدود مصر لجمهورية السودان التي بيعت وحدته وأمنه واستقراره في عهد حسني مبارك بأبخس الأثمان والضرر من ذلك لا جدال سيلحق بجمهورية مصر خاصة ما يتعلق بمياه النيل. السودان هو المجال الحيوي لمصر جنوبا وحسنا فعلت الإدارة المصرية الجديدة في الالتفات إلى السودان الشقيق. في الأسبوع الماضي حل رئيس الوزراء الدكتور عصام شرف ضيفا على الخليج العربي زار كلا من السعودية والكويت وقطر وكان من المفروض أن يزور دولة الإمارات العربية المتحدة إلا أن ظروفا حالت دون ذلك. ولعلمي لم يرشح أي معلومات عن نتائج الزيارة لكل هذه الدول رغم البيانات الرسمية الفضفاضة التي دائما تتسم بالمجاملات. لكن المراقب الحصيف يستطيع الحكم على نتائج الزيارة في مثل هذه الحالة التي تتصف بالغموض من النظر إلى الوجوه ومن ثم الكلمات المنتقاة بعناية أمام وسائل الإعلام، أستطيع القول من ملاحظاتي بأن الزيارة مرت في بعض عواصم الخليج في أجواء زادت حركة العجاج الذي يهب على المنطقة في مثل هذه الأيام الأمر الذي أدى إلى تعذر الرؤية في الأفق البعيد. (2) يصر البعض من أصحاب النوايا الخبيثة بيننا على القول بأن الزيارة كانت بهدف الاستجداء والتسول، والحق أنها غير ذلك، من أهم أهداف الزيارة شرح التوجهات السياسية العربية والدولية لمصر الجديدة خاصة ما يتعلق بالعلاقات المصرية ـ الإيرانية وكذلك التركية في ظل الظروف الدولية الراهنة.في هذا المجال أكد رئيس الوزراء المصري الدكتور عصام شرف أن أمن الخليج العربي هو من أمن مصر، وأكد عروبة الخليج وأمنه وسلامة أراضيه وأن مصر الجديدة لن تقبل المساس بأي دولة خليجية أو التدخل في شؤون دوله الداخلية. وبذلك يكون الدكتور عصام قد أزاح الشكوك التي خيمت على العواصم الخليجية عندما أعلن في مصر عن علاقات مصرية إيرانية تركية وثيقة كغيرها من العلاقات مع دول أخرى. إن العلاقات المصرية ــ الإيرانية يجب النظر إليها خليجيا بأنها تصب في صالح الدول الخليجية وليس عكس ذلك، فمصر القوة الفاعلة عربيا وهي القادرة على احتواء أي قوة تتربص بالخليج العربي، وفي ذات الوقت لا يمكن أن نطلب من مصر ألا يكون لها علاقة بإيران بينما كل الدول الخليجية تربطها علاقات دبلوماسية وتجارية في كل عهود إيران ورغم سوء العلاقات الخليجية ــالإيرانية اليوم إلا أن العلاقات الدبلوماسية مابرحت قائمة، أضف إلى ذلك أن البيان الوزاري الأخير لدول مجلس التعاون لم يتضمن ذكر احتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث كما جرت العادة في البيانات الختامية السابقة والسؤال هل يجوز أن نحلل لأنفسنا ما نحرمه على الآخرين؟ أما الهدف الثاني لزيارة رئيس الوزراء الدكتور عصام لبعض الدول الخليجية فهو تقوية العلاقات الاقتصادية وفتح أبواب مصر للاستثمارات العربية الأمر الذي يعود بالنفع لكلا الطرفين. ومن هنا يجب ألا نضيع الفرصة فعودة مصر إلى أمتها العربية بعد أن أزاح عنها طغيان وفساد نظام مبارك يجب أن تستقبل بالأحضان والدعم الاقتصادي والسياسي ولا نجعلها رهينة لمعونات أجنبية مشروطة. لقد أعطتنا مصر الكثير ويجب أن نرد لها الجميل على شكل استثمارات ومعونات وقروض طويلة الأجل. (3) يتردد في الأوساط الإعلامية والمجالس الخليجية أن بعض الحكومات الخليجية ليست راضية عن اعتقال الرئيس المخلوع حسني مبارك وأبنائه ومساعديه الذين اشتهروا بالفساد والعبث بالمال العام وتقديمهم للمحاكمة بتهم متعددة كل واحدة من تلك التهم عقابها الإعدام، كنت أتمنى ألا يثار هذا الموضوع لأنه من صلب الشؤون الداخلية للدول، وإذا أثير فيطلب من الإدارة المصرية الجديدة أن توفر محاكمة عادلة لأركان ذلك النظام السابق. وهنا يثور السؤال لو فرضنا أن أحد وزراء هذه الدول اتهم بحرق مقار عبادة راح ضحيتها أعداد من الأبرياء أليس من الواجب احتجازه والتحقيق معه؟ لو فرضنا أن وزيرا آخر اتهم بالعبث بالمال العام وأثرى بطريقة غير معقولة ألا يعزل ويحاكم فإن ثبتت براءته يرد اعتباره. ذلك ما يحدث في مصر اليوم فلا تلوموا إدارة مصر الجديدة على ما يفعلون. آخر القول: أعينوا مصر أعانكم الله ولا تتخلوا عنها فهي عضدكم الشجاع.