12 نوفمبر 2025

تسجيل

تراجع دور المثقف

03 أبريل 2017

طرحت مؤسسة الفكر العربي – عبر موقع أفق – موضوعاً مثيراً بعنوان ( المثقفون وحلم التغيّر.. إضاعة الفرص أم تحوّل في الأدوار) عبر مقال للكاتب المغربي عصام العدّوني.ومما جاء في المقال أن هنالك تراجعاً في أدوار المثقف ، وأن الانشغالات البرجماتية والخدماتية أصبحت غالبة لمصلحة تحالف المال والسلطة والإعلام. وعزا الكاتب هذا التراجع إلى الهجمات الكثيفة على الفكر النقدي التحرري وعلى الاستقلالية الفكرية. وربط الكاتب بين هذا التراجع وبين التحولات التي شهدها العالم العربي خلال العشرين عاماً الماضية ، وعزا قضية تراجع الدور العضوي والثوري إلى استثمار نظريات المجتمع المدني والانتقال الديموقراطي وشيوع نظريات العولمة والمواطنة والمطالب الديموقراطية ، ما ولّدَ الربيع العربي في بعض الدول العربية.كما عدد الكاتب مزايا المجتمع المدني ، ومنها النقد الذاتي ومراجعة نظريات الثورة وأطروحاتها. كما يعتقد الكاتب أن فضاء المجتمع المدني أفرز مساحات أكبر من الحرية والاستقلالية ، لم تكن متوافرة في السابق ، وكان للعودة إلى الذات ومساءلتها دور مهم في " انقشاع غيوم الأوهام" . وخلص الكاتب إلى أنه " لقد أفضى الدفاع عن النضال من أجل المجتمع المدني والديمقرطية والإصلاح تدريجياً إلى تغيّر وظيفة المثقف، وانسحاب المثقف العضوي أو الثوري ، تاركاً المجال لأصناف هامشية من المثقفين ". (انتهى)هل من الممكن أن نختلف مع ما طرحه الكاتب؟ أو لربما نتفق معه!؟على مدى تاريخ الدولة العربية ، بدءًا من مراحل التحرر والاستقلال ، كان للمثقف دور هام في قضايا بلاده ، حتى في أعتى الدول بوليسية وعسكرية!وكان المثقف يُلهم الجماهير ، ويتقدم الصفوف ويُنير الطريق ، ويجاهر بالرفض لحالات الفساد أو الاستكانة ، ويعرّض حياته للخطر من أجل تطوير مجتمعه وبكافة الوسائل ، وهكذا عمل المفكرون والمثقفون والفنانون ما قبل النهضة الأوروبية.أما اليوم ، وبعد أن تم " تقنين" الثقافة ، ووضع احترازات لها ، في معظم الدول العربية ، أصبحت الثقافة رسمية لأبعد الحدود ، وتخلت عن شعبيتها ، وصار المثقفون إما موظفين في الوزارة ، أو منبوذين في " الهامش" ، وكم في هذا الهامش من مآسٍ وأحزان.المثقف الحقيقي " مكروهٌ" و "مقصيّ" وليس من " أهل الثقة" !! وتلك مأساة كبرى في العالم العربي! طيب، قد يكون هنالك مثقف لا يجامل ولا يمتدح ( سيف الدولة) فهل لا يمكن نعته بأنه يتفوق على (المتنبي)!؟ كما أن اختصار ثقافة الأمة في شخص واحد يُعتبر نوعاً من تجاهل حتمية التاريخ ، ونبذاً لأدوار المثقفين الذين يحملون همومَ وآمال مجتمعاتهم بغية التطوير والإبداع.نقول : نعم ، لقد تراجع دور المثقف في العالم العربي ، وأصابه اليأس من تكرار المآسي و " المؤامرات" ، والتكالب الإداري الذي يُفرز المبدعين إلى " فسطاطين" ، فسطاط " الموالاة" و فسطاط " الضد" ، وهذه نظرية يجب أن تسقط فوراً ، لأن المثقف الحقيقي هو الذي يتعاطي مع هموم مجتمعه ، ويبلورها إما في مقال أو قصة أو رواية أو مسرحية ، وما لم يُمنح هذا المثقف الحرية في ذاك التعبير ، فإن دوره سوف ينحسر ، وقد ينتحر ، ليبرز دور الموظفين الثقافيين ، وهذا لا يخدم الأمة.سؤال أخير: أين المثقفون في وسائل الإعلام إلى جانب الفنانين والرياضيين؟