06 نوفمبر 2025

تسجيل

الإسلام الذي يريده الغرب "2"

02 نوفمبر 2013

قال صاحبي: بعد قارعة سبتمبر، بات أصحاب القرار السياسي في الغرب عامة، وأمريكا خاصة، يدركون أنهم دفعوا ثمناً فادحاً لتأييد الأنظمة العربية الاستبدادية. ففي يوم هذه القارعة، تخلت واشنطن عن اعتقادها السابق بأن الطغاة الودودين يستطيعون صنع السلام مع إسرائيل، وعلى سبيل المثال (أردن الملك حسين ومصر السادات)، وأن الانتخابات الحرة قد تجلب إلى السلطة الإسلاميين المعادين للغرب، وخير مثل لذلك انتخابات ١٩٩١ م، في الجزائر. على أية حال، حاول الغرب أن تكون الديمقراطية هي مقياس تقبل المجتمعات الإسلامية فكان البحث عن صيغة تمزج بينها وبين الإسلام، لذلك كان عنوان تقرير "راند" الشهير "الإسلام الديمقراطي". يقول ريتشارد هاس: إن تقرير التنمية البشرية أعطى صورة لعالم عربي متخلف في مجالات الحرية الفردية، واحترام المرأة، والتنمية الاقتصادية والاجتماعية: مما يعني وجود ظروف اجتماعية متفجرة ومشكلات لا يمكن حلها إلا من خلال نظم سياسية أكثر مرونة وأكثر ديمقراطية، والإدارات الأمريكية المتعاقبة لم تضع موضوع ادخال النظم الديمقراطية في الدول الإسلامية في مقدمة الأولويات، وكانت أحياناً تتجنب التدخل في الشؤون الداخلية لهذه الدول، حرصاً على المصالح الأمريكية، وبهذه السياسة التي يمكن تسميتها "الاستثناء الديمقراطي" ضيعت الفرص لجعل هذه الدول أكثر ازدهاراً واستقرارا وسلاما وأكثر قدرة على التعامل مع ضغوط العولمة. ويصل هاس إلى أنه سوف تزدهر أكثر كشعب وكدولة في عالم من الديمقراطيات بدلا من عالم الأنظمة الاستبدادية، يقول هاس: العالم الديمقراطي هو مسالم بشكل كبير: فنمط الديمقراطيات المتأصلة التي لا يحارب بعضها البعض هو إحدى أهم النتائج التي أمكن اثباتها في دراسات العلاقات الدولية. إن ما تهدف إليه أمريكا هو جعل الشعوب التي تعاديها مسالمة، كما ثبت في التجربة الألمانية واليابانية. قلت لصاحبي: هلا حدثتنا عن التعايش مع الآخر؟ قال: حبا وكرامة: منذ عصر النهضة والفكر الغربي يعج بأدبيات تتعلق بضرورة العيش مع الآخرين أصحاب الفكر المخالف وأن مظهر التقدم الحضاري للمجتمعات والأفراد يُقاس بما يحققونه من تسامح وتعايش مع الآخر، سواء كان هذا الآخر أهل دين أو عرق أو لون أو لغة. وعلى الرغم من هذا فإن المبدأ لا يسري على المسلمين، فالسويد مثلا مع أنه بلد أوروبي يستشهد به الغرب دائما كقمة التسامح والتحضر والليبرالية، فماذا فعل في مآذن المساجد؟ ويكشف محمد أسد هذا التناقض فيقول: إن الغرب بات أكثر تسامحاً وتساهلاً نحو الثقافات الأجنبية، ولكنه لم يصبح كذلك مع الإسلام بل نحو ثقافات شرقية معينة، تقدم نوعاً من الجاذبية الروحية المتعطش إليها الغرب، وفي الوقت ذاته بعيدة عن النظرة الغربية العالمية: بحيث لا يوجد أي خطر حقيقي على القيم الغربية. ولكن المثير أن مبدأ التعايش مع الآخر يحاول الغرب فرضه على المسلمين ضمن سلة الأفكار التي يقيس بها الإسلام المعدل الذي يريده. وحتى توني بلير يطلق على الهجوم الغربي المضاد للتطرف مسمى التعايش السلمي.