10 نوفمبر 2025
تسجيلتختلط لدى البعض مفاهيم القيادة والريادة إلا أن لكل منهما منحنى مختلفا، فالقيادة هي صفات الشخص وأسلوبه في التعامل مع الآخرين، أما الريادة فهي طريقة إدارة مشروع أو مبادرة أو إنجاز جديد لا يتعلق الأمر بها بصفاته الشخصية، إنما بخبرته المعرفية وقاعدته العلمية. تؤثر السنوات الأولى في حياة كل شخص منا في تكوين صفاته التي تستمر معه إلى نهاية عمره في أغلب الأحوال، فما يكتسبه من صفات وراثية وما يزرع بنفسه من ثقة وشجاعة في السنوات الأولى من حياته يعد مؤشرا حقيقيا لما يتبعه من أحداث. الريادة أن تتفوق في وظيفتك ومجالك في العمل أو الدراسة، أما القيادة فهي قوة شخصيتك أمام الآخرين وترتبط بصفاتك الإنسانية، والحكمة ومدى تحملك للمسؤولية وقدرتك على إدارة الأمور بالحب أكثر من ارتباطها بالهيبة أو المنصب. تعد المبادرة من أهم الأعمال التي تميز الشخصية القيادية، وتدفعها الى التقدم خطوة للأمام عن أقرانها في أي مكان، عليك هنا في ساحة القيادة والمبادرات النوعية أن تعلم موقعك من الإعراب، فقد وهب الخالق دولتنا الفتية قيادة راشدة وحكيمة أدارت الدولة وقادت الشعب القطري الى الرخاء والأمان والتقدم والنهضة، لتصبح دولة قطر الدولة الأولى عالميا في دخل الفرد ومن الدول ذات المؤشر العالي في كل شؤون الحياة وأهمها التعليم، والصحة، والتنمية البشرية، والخدمات العامة بشكل عام. ولم يتوقف الخير فقط على المستوى الداخلي بدولة قطر، بل قادت قيادته الحكيمة الراشدة برامج ومشاريع ومبادرات إنسانية وتنموية عززت السلام العالمي في مختلف بقاع الأرض، فلا تكاد تخلو دولة من دول العالم من بصمات العمل القطري الإنساني والتنموي وتعزيز السلام. لا يخفى على العالم أجمع حجم الآثار الإيجابية التي عادت على دولة قطر بالخير، وإن كان من شخصيات قيادية فهناك دول تتسم بالقيادة وتبادر بأدوار ريادية في العالم وكما للأفراد أثر فهناك للدول أيضاً. في دولة قطر تعد المبادرات هي العلامة البارزة في سجل أغلب المواطنين وشركائهم المقيمين، والذين يعدون شركاء للنهضة على اختلاف جنسياتهم ودياناتهم ولغاتهم، سواء كانت تلك المبادرات على الصعيد الاجتماعي، أو الاقتصادي، أو الثقافي، ولكي تضمن نجاح المبادرات أو الأعمال الريادية التي ستطرحها، عليك التأكد من مدى قوة توقعاتك الإيجابية ونظرتك للأمور، فما تعتقده اعتقادا قويا سيصبح حقيقة مع الوقت سواء كان اعتقادا إيجابيا أم سلبيا. كما يؤثر ما تفكر به وتجذبه إليك من أشخاص وأحداث فيما يحدث لك فعلاً من ظروف حياتية. تأكد أن عقلك يمتلك فكرة واحدة فقط، فإن كانت فكرتك الإيجابية أقوى فإنها ستخرج الفكرة السلبية بشكل نهائي من عقلك، وعليه تدرب وحافظ على هدوئك، تحدث لنفسك بإيجابية وبصيغة المضارع والمتكلم، كن داعما لها وعزز ثقتك بها طالما الهدف الذي تسعى إليه نبيلاً. لا تحزن إذا تأخرت وسبقك الآخرون في اعتلاء مبادراتهم فلكل دور ونصيب، حتى وإن سُرقت أفكارك ابحث عن أفكار بديلة المهم هنا ألا تيأس، جدد إيمانك وأملك بالنجاح، املأ عقلك بثقافة حاضرة دسمة، لا تفكر في الماضي بحسرة، ولا تتعلق بأوهام مستقبلية، إنما حدّد ما تريده من أهداف، ثم ارسم مدى استفادتك منها، أيضاً حدد موقعك، وضع جدولاً زمنياً، حدد المعرفة اللازمة للوصول للأهداف، والفريق الذي سيساعدك ضع خطتك، وتصور الأهداف وقد تحققت فعلاً، ادعم هدفك بالتصميم والإرادة القوية، وقم بمضاعفة قدرتك العقلية في ابتكار حلول أصلية، وعليك أن تتأكد من الميزة التي تتفوق بها ولا يعني ذلك أن تضاعف جهدك لحد الإرهاق، بل أبدع في الفكرة وابتكر في التنفيذ. عليك أن تعلم أن عدم استخدامك لأي قدرة لديك على فعل شيء مميز في الحياة هو سبب فعلي لأن تفقد تلك الميزة التي حباك الخالق إياها للأبد، فهي قدرات كامنة بك وجب أن تتعلم كيف تخرجها للواقع، ولن تعرف ما تتميز به من صفات إلا إذا حددت هدفك في الحياة، وذلك عن طريق العزلة، والتأمل، والتفكير في حلول مبتكرة. ختاماً فأنت تحتاج شيئاً مهماً هو أساس استمرارية نجاحك، ألا وهو العلاقات الطيبة مع الآخرين وذلك بأن تتمسك أكثر بالقيم، وأن تكون قائداً إنساناً، أن تتقبل الآخرين كما هم، وأن تشعرهم بالأهمية وأن تثني عليهم، وتذكر دائماً أن المبادرة هي فكرة جديدة لحل مشكلة أو إضافة قيمة، وأن الريادة هي إدارة للمشاريع وطرق تنفيذها، بينما القيادة تكمن في كونكْ انسانا. نقطة أخيرة عليك أن تركز عليها في كل محطة من محطات المبادرات، عندما تتحدث عن طريقة العيش فاسبح مع التيار، لكن عندما تتحدث عن المبادئ قف كالصخرة، لا تقبل التنازل فيما يمس مبادئك التي تربيت عليها إن كانت صحيحة، وتنبع من دينك الإسلامي وهويتك الوطنية، لا تلتفت أبداً لأي اتهامات أو اشاعات مغرضة هدفها ايقافك، واعلم أن لكل دور في حياتك معنى لدى الآخرين الذين ينتظرون منك معايير محددة لهذا الدور وكلما زادت أدوارك في الحياة، كلما استنفدت جزءا من طاقتك التي يجب أن توزعها بتوازن في مكونات شخصيتك (العقل، القلب، النفس، الجسد)، و لكل مكوّن طريقة للعطاء والإشباع، وعليك أن توازن بين احتياجات كل مكون حتى لا تتفاقم احتياجاتك وتتحول الى ضعف وتنهار، وهنا يصعب عليك الوقوف من جديد مرة أخرى إلا اذا كنت فعلاً تتسم بقوة إرادة وصبر وجلد وشخصيات تقدم لك العون وتساندك، تلك الشخصيات هي داعم خفي قد لا يراه الآخرون من حولك لكنك تعلم أن لهم حق الاهتمام والرعاية كما هو اهتمامهم بك. أن تكون قائداً مهماً أمام الآخرين لا يعني أن تعتلي المنابر وتصبح مشهورا متألقا بل أن تكون انساناً رحيماً صادقاً مع ذاتك أميناً في معاملاتك، انطلق نحو الأفق ما دمت قد حددت المسار الذي ستتوجه إليك، وما دامت الدولة التي تنتمي إليها هي دولة سباقة في معظم المبادرات، مواطناً كنت أم مقيماً أم زائراً صباحك قيادة ومساؤك ريادة. [email protected]