11 نوفمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); كانت الأم تعجن قرص البخور وتبيعه على النساء، وكان دور ابنها المراهق حمل كيس البخور الثقيل، وكان يصر عليها أن تذهب أمام بيت معشوقته بنت التاجر نهاية كل أسبوع لعرض بضاعتهم، وفي ذات يوم رجف قلبه وغمز له إنها خلف الباب بعد طرقه، وما إن نطقت وسمع صوتها الملائكي، أغـمي عليه وسقط على الأرض. أخذوا العاشق إلى الحكيم، فسأله: هل تعشق؟ فأومأ برأسه بنعم، فقال لأمه ابنك مصاب بداء الحب، ودواؤه أن تزوجيه، فهمس الشاب في أذن أمه باسم الفتاة، فغضبت عليه أمام الحكيم، وقالت: ولم تختر إلا بنت عمدة التجار؟ بني أأنت مجنون؟ أتريد رمـينا معك ببئر المجانين، كيف ابن بائعة البخور يتزوج حورية القرية؟ ماذا تقول ياحكيم؟ أرجوك انصحه، فقال الحكيم وهو يتأفف: ما سأقوله لك لم يخرج من قلبي، بل من تجاربه وآهاتِه وشجونه، وأنصحك بني وأنصح قلبك قبلك، ألا ترفع قلبك أمام بحر الهوى عاليًا فيقع، ولا تحمّله ما لا طاقة له به فيتوجع، ولا ترمه بشباك غرام خاسر فيهجع، ولا تدخل نفسك بهوى أعور، فقاطعته الأم وما الهوى الأعور ياحكيم؟ دمعت عيون الحكيم وأكمل: بنيّ الهوى الأعور هو الحب بقلب واحد، وهذا الحب لا ينجح، وكتب عليه الوجع والهلاك قبل وقوعه، ويميت صاحبه قبل موته بالأنين والحسرة، فأنصحك كما نصحت العاشقين الهالكـين من قبلك، فانفذ بجلدك وأنقذ قلبك، ولا تقرب بيت عمدة التجار، لا بالليل ولا بالنهار. بعد سنوات توفيت الأم، وتولى الابن بيع البخور، وذات مرة بالسوق، وقفت أمامه سيدة غنية مع زوجها، وسألته عن جودة البخور، وكان زوجها يمازحها ضحكًا، فدق صوتها طبلتي أذان العاشق حتى انفطر قلبه نصفين، فتيقن أنها معشوقته، وهذا زوجها، فسقط مغشيًا عليه فوق الجمر، فعاش بعدها هائمًا في البلدة، وقد أوقد نارين، نارًا بالمبخرة ونارًا بقلبه، وكلما اقترب من بيت التاجر، رمى بنفسه على جدارهم، ووضع المبخرة بجانبه، وأغمض عينيه بهدوء، وهو يردد بصوت هادئ يكاد يخرج من قلبه: أبيها.. أبيها.