15 نوفمبر 2025
تسجيلقبلَ سنواتٍ، تكسرتْ أمواجُ الحملاتِ الـمُغرضةِ عند اصطدامِـها بصلابةِ البناءِ الإنسانيِّ والأخلاقيِّ والقانونيِّ لبلادِنا. وانتظرنا أنْ نبدأ بعدها بإعدادِ شبابٍ منَ الجنسينِ، ثقافياً ومعرفياً وسياسياً، بحيثُ يُسهمونَ في إيجادِ قاعدةٍ قويةٍ منَ العلاقاتِ العامةِ مع الأشقاءِ العربِ والـمسلمينَ من خلالِ مواقعِ التواصلِ الاجتماعيِّ، كالفيس بوك، وتويتر، وذلك لسببينِ:الأولُ: أنَّها الساحاتُ الحقيقيةُ التي يتمُّ فيها شَـنُّ حروبِ التشويهِ الـمُتَعَـمَّدِ ضدَّ الدولِ والقياداتِ والشعوبِ. الثاني: أنَّ الناشئةَ والشبابَ العربَ يُـكَوِّنونَ رؤاهم السياسيةَ، وتُصاغُ شخصياتِـهِم من خلالِ الـمعلوماتِ التي يستقونها منها. وحينَ يتولونَ الـمناصبَ الـمختلفةَ في بلادُهِم مستقبلاً، فإنَّ توجُّهاتِـهِم نحو الدولِ والشعوبِ، وقراراتِهِم السياسيةَ والاقتصاديةَ ستكونُ محكومةً برؤاهم السابقةِ. فهذه الـمواقعُ هي خطُّ الدفاعِ الأولِ، وخطُّ الانطلاقِ لننقلَ الواقعَ الحقيقيَّ الرائعَ لبلادنا. عندنا شبابٌ متعلمونَ تعليماً رفيعاً، ومختصونَ في كلِّ الـمجالاتِ، لكننا نفتقرُ إلى الشبابِ الـموسوعيين الـمُلِـمِّينَ إلـماماً واسعاً بالتاريخِ السياسي للأممِ والشعوبِ والدولِ، والـمُطلعينَ على حضاراتِها وثقافاتِها، والـمُتحكمينَ بانفعالاتِـهِم، والقادرينَ على توجيهِ الحوارِ إلى مواضِـعِـهِ التي تخدمُ الهدفَ الذي نسعى إليه، أي: تبيينُ الحقائقِ، وتخليقُ شعورٍ في الشعوبِ العربيةِ والإسلامية بِـتَفَـهُّمِ سياساتِنا الـمُتبنيةِ لقضاياها، بحيث يكونُ جزءاً منَ القوةِ الناعمةِ لبلادنا. وهنا، لابدَّ منْ توضيحِ الـمقصودِ بالقوةِ الناعمةِ، فهي التأثيرُ في الشعوبِ وصُنَّاعِ القرارِ منْ خلالِ الـمواقفِ السياسيةِ الـمبدئيةِ، والأعمالِ الخيريةِ، والكتاباتِ الأدبيةِ، والأعمالِ الفنيةِ، غناءً ومسرحاً ومسلسلاتٍ وفناً تشكيلياً. وبالطبعِ، فإنَّ نجاحَـنا فيسبوكياً وتويترياً سَـيزيدُ تلك القوةَ صلابةً وتأثيراً. ومن خلالِ متابعةِ النشاطِ الضخمِ لوزارةِ الخارجيةِ، وما تُحققُهُ من نجاحاتٍ على الـمستويينِ العربيِّ والدَّوليِّ، فإنني أتمنى على الـمسؤولينَ فيها استثمارَ خبراتِ رجالاتِها الذين مارسوا العملَ الدبلوماسيَّ، كسفراء وقناصل وملحقين عسكريين وتجاريينَ، بحيثُ يكونُ لهم حضورٌ إعلاميٌّ في قنواتِ التلفزةِ، والإذاعةِ، والصحافةِ، وكذلك، في مواقعِ التواصلِ الاجتماعيِّ، يبسطونَ فيها خبراتِـهِم الثريةَ حولَ القضايا التي تهمُّ هذا الشعبَ أو ذاك، ويُبينونَ كيفيةَ مناقشةِ الشعوبِ وقواها السياسيةِ والاجتماعيةِ. فهؤلاءِ الرجالُ الأكفاءُ لهم احترامُهُم وتقديرُهُم في مجتمعِـنا، ويعرفونَ جيداً كيفَ يخاطبونَـهُ ويُوجِّهونَـهُ عبرَ ندواتٍ حواريةٍ، أو مقالاتٍ، أو من خلالِ دوراتٍ تُعدُّها الوزارةُ للتثقيفِ السياسيِّ للشبابِ من الجنسينِ، وأخرى للتدريبِ على مهاراتِ التفاوضِ وتطويرِ الحوارِ بحيثُ يكسبونَ تأييدَ واحترامَ الآخرينَ، أو يصلوا بهم إلى منطقةٍ وسطى فيها أفضلُ الشروطِ الـممكنةِ لقضايانا. بالطبعِ، إنَّ وزارةَ الخارجيةِ قادرةٌ على القيامِ بهذا الدورِ العظيمِ، لكنَّ مسؤولياتِـها الكبيرةَ تجعلُ من تنسيقِ جهودِها مع وزارة الشبابِ والثقافةِ، وجامعةِ قطرَ، والـمراكزِ البحثيةِ في البلادِ أمراً لابد منه. كما أنَّـهُ من الـمسؤوليةِ الاجتماعيةِ للشركاتِ الوطنيةِ الكبرى أنْ تدعمَ جزءاً من تلك الجهودِ بالتمويلِ والرعايةِ، ليتكاملَ البناءُ الهرميُّ ذو البُعدِ الوطنيِّ لها. كلمةٌ أخيرةٌ: قطرُ، قيادةً وشعباً، أمانةٌ غاليةٌ في أعناقِـنا، وأخلاقُنا وسلوكُنا ركنانِ هامانِ منْ أركانِ تأثيرِها في العالمِ. و رُبَّ كلمةٍ أو عبارةٍ في الفيس بوك والتويتر، تصنعُ تأثيراً إيجابياً عظيماً في الشعوبِ أقوى من ملايينِ الخُطَبِ.