17 نوفمبر 2025

تسجيل

كأسُ العُمَّالِ.. خطابٌ موندياليٌّ رفيعٌ

02 أبريل 2014

أمس الأول، انطلقت النسخة الثانيةُ منْ بطولةِ كأسِ العُـمَّالِ لكرةِ القدمِ، وهي حَدَثٌ فريدٌ في خليجِـنا ووطنِـنا العربيينِ، فتجاهلتْـهُ صحافةُ الأشقاءِ التي لا تفتأُ تُسيءُ إلينا، ولم أجدْ في مواقعِـها الإلكترونيةِ ذِكْـراً له، فالقائمونَ عليها يعلمون أنَّ البطولةَ تَدحضُ تَقوُّلاتِـهم وتُعرِّي مصداقيتَـهم عندما تُلقي الضوءَ على العلاقاتِ الإنسانيةِ التي تربطُ الإنسانَ الـمواطنَ بشقيقِـهِ الإنسان الـمقيمِ.تَعني البطولةُ التَّـوَجُّـهَ نحو الجالياتِ الـمُقيمةِ لرَبطِـها شعورياً وإنسانيا بمجتمعِـنا وآمالِـهِ، فهي خطوةٌ مُتقدِّمةٌ للحفاظِ على النسيجِ البشريِّ لبلادِنا في سعيها لبناءِ وطنِ الإنسانِ من خلالِ الرياضةِ. وتجعلُنا متابعةُ حفلِ افتتاحِـها نتحدثُ بثقةٍ عن ضخِّ دماءٍ جديدةٍ في مدرجاتِـنا لو ساندتِ الأنديةُ الرياضيةُ الجهودَ الـمبذولة في هذا الصَّدَدِ عَـبْـرَ الانفتاحِ على الجالياتِ واجتذابِـها بإقامةِ فعالياتٍ رياضيةٍ ذات طابعٍ اجتماعيٍّ بين آنٍ وآخر. نتمنى من الأنديةِ الرياضيةِ إدراك مدى أهميةِ دورِها في تفعيلِ خطابِـنا الـموندياليِّ إنسانيا، وأنَّها مؤسسات مُجتمعية أولاً ثم رياضية، وأنها واجهات حضارية نُطل منها، مباشرة، على الـمجتمعِ الـمحليِّ والمجتمعِ الـموازي له الذي يُشكِّـلُهُ الـمقيمونَ الذين نثمنُ عالياً دورَهم البَـنَّاءَ في بلادِنا. وليسَ من حجةٍ للمسؤولينَ في الأنديةِ بأنَّهم لا يكادون يجدونَ الوقتَ لـمُتابعةِ شؤونِـها، فهذه مَقولةٌ تعني عدم وجودِ تخطيطٍ سليمٍ ولا رؤى واضحة لاستثمارِ طاقاتِ ذوي الكفاءةِ من الشبابِ القطريينَ الـمُؤهَّلينَ معرفياً وعلمياً في شتى الـمَجالاتِ. أما الحُجَّـةُ الثانيةُ الـمُتَـمَـثِّـلَـةُ في بنودِ الـموازناتِ الـمخصصةِ للأندية، فهي مَـردودةٌ وغيرُ صحيحة، لأنَّ الفعاليات الـمطلوبة تُعتبرُ أنشطة اقتصادية رِبْـحِـيَّـة نظراً لكونِ تمويلِها يأتي من مساهماتِ الشركاتِ والـمؤسساتِ الـمحليةِ الخاصةِ، ومساهمات مثيلاتِـها في دولِ الجوارِ والعالمِ لو بَـذَلَ مسؤولو التسويقِ والإعلام والدعاية جهوداً تكونُ في مستوى مَـهام مناصِـبِـهم الإداريةِ. ولنا في التجربةِ الناجحةِ للنادي الأهلي خلال الـموسمِ الحالي مثالٌ رائعٌ على الخروجِ بالنادي من جدرانِ منشآتِـهِ إلى الـمُجْـتَـمَـعَيْـنِ: المحلي والـموازي، مما جعلَ الآخرينَ يندفعونَ ليكونوا داخلَ جدرانِـهِ، مشاركين في الفعالياتِ التي أقامَها وكانت مردوداتها الاقتصادية والإعلامية كبيرةً عليه وعلى الـمُمولِـينَ. ينبغي أنْ نتخلصَ من الإحساسِ بأنَّ كلَّ شيءٍ على مستوى الوطنِ هو مسؤوليةُ الأجهزةِ الرسميةِ للدولةِ، فدورُنا الإيجابيُّ القائم على البَـذْلِ والعطاءِ هو الذي يسمحُ لجهودِها بالنجاحِ. وهذا يدفعُنا، نحن الإعلاميين، للدعوةِ مراراً وتَكراراً إلى الـمُساهمةِ في إنجاحِ هذه البطولةِ وأمثالِـها بالـمتابعةِ الإعلاميةِ، وتوظيفِـها لتنميةِ الشعورِ بالـمسؤوليةِ الاجتماعيةِ، وتقويةِ حاضنتِـنا الـمُجتمعيةِ التي تتميزُ بقبولِ الآخرَ وتقديرِهِ واحترامِ إنسانيتِـه. أعودُ لتجاهُلِ صحافةِ الأشقاء للبطولةِ لأقول إنَّـهُ في أحايينَ كثيرةٍ تكونُ أسوأ ظنونِـنا أكثر صواباً من سواها، ورغم أنَّ ذلك يُشقينا ويؤلـمُنا إلا أنه ينيرُ السبيلَ لنا، مُبَـيِّـنا صحة خياراتِنا وصواب مواقفِـنا، ويؤكدُ أننا نعملُ ونُنجزُ في حينِ ينشغل الآخرون بنَـشْـرِ الأكاذيب الـمُسيئة لهم قبل أنْ تكونَ مُسيئةً لنا، فنتقدم بثبات ويَعجزونَ عن تحقيقِ شيء مما نُحققُـهُ.