14 نوفمبر 2025

تسجيل

البعض فوق القانون

02 أبريل 2012

أحوال دول (الخريف العربي) وما تطالعنا به الأخبار كل يوم من سقطات الفاسدين، النافذين، وكذلك الكبراء، والوزراء، وحتى (رجال القانون) تجعلنا غصباً نتوقف أمام ما يفور من أحداث بطلها دائماً مسمى جمع كل العاهات، والتشوهات، والرذائل لتكون الحصيلة وليدة لقيطة اسمها (الفساد)! طيب من أين يأتي الفساد الذي من الواضح أنه تكاثر كالفطر؟ قبل الإجابة عن السؤال لنتفق على أنه حيث كان المال ترعرع الفساد وتنفس وعاش! قد يقول البعض إن الفساد نتاج تربية، ونشأة، واستعداد، وغروب للوازع الديني، وإغماض عين الرقيب الحسيب سهواً أو عمداً في مواقع الأجهزة لتصول اليد الطويلة وتجول! لماذا انتشر الفساد لتفزعنا أرقام المنهوب من مال، وأراض، وممتلكات، وذهب، وكل أشكال الأصول والمقتنيات المتصورة التي لا تخطر على بال؟ سؤال قد تكون إجابته (واحد حرامي نعمله ايه؟!) لكن لو دققنا لوجدنا أن هذا (الواحد الحرامي) مد يده عندما أمن المساءلة، والمتابعة، ومن أين لك هذا، وعندما لم يطلب منه أحد كشف الذمة المالية لتعرف ممتلكاته قبل المنصب (بالتعريفة) وبعد المنصب وما أضافه باجتهاده من خيراته (الحلام) بعد أن أهله منصبه الرفيع لشفط المال العام حتى غص وقد ابتلع الغنيمة بعظامها، ثم تمادى أكثر عندما وضع تحت إبطه (المصد) الأعظم الذي يسمونه (الحصانة) التي وظفها أصحاب الأيادي الطويلة، وهواة جمع الأرصدة الثمينة في غير مسارها، وتجاهلوا تماماً أن الحصانة قانوناً معناها وسيلة ضمان لتسهيل أعمال بعض الأشخاص لطبيعة وظائفهم وحمايتهم من الاتهامات الجزافية أو الكيدية، وأنها لا تعني أبداً أن ينهب صاحب الحصانة ما تصل إليه يده، وما تستطيبه عينه، وما يمليه طمعه دون محاسبة ليصبح فوق القانون! وليكون أول ما يعتنق من مبادئ (انهب، وسف قدر ما تستطيع لن يسألك أحد! من أصلاً يجرؤ ويحاسبك وأنت يا عم (كبير القعدة) ورئيس الأربعين حرامي؟ لو دققنا لوجدنا مساعدين يعملون في إمرة الفساد، فقد يسرق من تحت يده المال مباشرة، ومن يسرق ويده الطويلة منصبه الذي يؤهله لإصدار أوامر مباشرة لا تعصى ولا ترد، أيوه سرقة بالأمر المباشر وسف الأراضي في بلاد (الخريف العربي) خير شاهد، استغلال المناصب كبرت أم صغرت أس الفساد، بالطبع هناك حرامية كبار وحرامية (مبتدئين على قدهم) وغياب الرقابة باقات ورد تهدى للحرامية عليها أمنيات لذيذة بسرقات مشبعة (ملظلظة)! بعين الرقابة المعصوبة طوعاً، وبالرضا كله، المتغافلة عن كل ما ينهب سرقت البلاد، وظلم العباد، وضاقت عليهم أرزاقهم، وشاع قول زور (بلاد فقيرة) وما كانت فقيرة فملياراتها ممدة بالكروش التي ما خافت يوم السؤال الرهيب! كيف نوقف هذا الفساد الذي ضرب بأطنابه واستشرى ولوث الأبيض النبيل؟ ما الحل والفساد زاعق؟ إن كان الحل هو كنس كل الذي كان من (قمامة) وبناء نظام شريف بمواطن شريف، والإحساس بأن حماية الوطن بالإبلاغ عن وقائع الفساد مسؤولية كل مواطن، وامتلاك الشجاعة لنقول للحرامي في عينه حضرتك أو سيادتك، أو نيافتك لا مؤاخذة حرامي.. فقد جرب البعض كل ما تقدم ليكون الجزاء الظالم، ولقد سمعت مظلمة ثلاثة على قناة دريم عرضوا ببرنامج الحقيقة بالمستندات مخالفات رؤسائهم الفادحة، وعرضوا ما تعرضوا له من عقاب فاجر كان كوكتيلاً من الاستقصاد، والإقصاء، والتضييق، بل وإنهاء الخدمات، يعني باختصار أرسل السراق رسالة لكل موظفي الإدارات التابعة لهم مفادها (بلغ وحنوريك) هذا الجزاء الوفاق لكل من تسول له نفسه فتح فمه، لكل رافض للتلوث، والسكوت، لكل من لم يقبل (شيلني واشيلك) ونفع واستنفع، ثلاثة ما خافوا إلا خالقهم ويوم حساب عسير فأبلغوا عما تحت أيديهم من نهب وسرقات، فنكل بهم مسؤولوهم (الحرامية) بعد كشف عوراتهم وسرقاتهم الإدارية والمالية! غيرهم في مواقع أخرى عانوا من تلفيق تهم جاهزة، آخرون نقلوا لآخر الدنيا، والبعض عندما رحموه أودعوه المصحات النفسية جزاء وفاقاً على عينه اللاقطة، وعقله المصحصح لما ينهبون! هذا هو حال الحرامية المستعدين دائماً لمقارعة من يكشفهم بالتحدي الفاجر، والظلم، أما الحزن الأكبر فعندما يطال الفساد يد القانون ليتبدل ميزان العدالة من ميزان إنصاف وعدل إلى ميزان بطاطا وبطيخ، وتصوروا حجم الكمد والألم، والحزن عندما تصبح العدالة عرجاء، وبكماء، وعمياء ولتكون الصدمة المزلزلة عندما يطلق سراح الحرامية ملفقي التهم للشرفاء ويقبض على المبلغين الشرفاء بتهمة السب والقذف، والأنكى من ذلك أن يطلب بعض الحرامية (تعويض) ولا عزاء للشرفاء!