05 نوفمبر 2025

تسجيل

للعيد ألف معنى ومعنى

01 نوفمبر 2012

يأتي العيد هذه السنة وقد غرقت بعض من بلداننا العربية والإسلامية بتيارات ما يسمى الربيع العربي، الذي يتسم بالصور التي لا تنسى بين مستشفيات تعج بجثث القتلى ودماء الجرحى وصوت أنينهم، ونحيب الثكالى والأرامل والأيتام.. وشوارع عاثت فيها يد التخريب حتى فقدت معالمها ولم يعد فيها إلا الغبار والدمار، ومدارس قد تحولت لملاجئ تشهد جدرانها على قصص الخوف والضياع والتشريد.. ومقابر جماعية قد غطت رمالها أجساد شباب قد كانوا عماد أوطانهم ولكنهم أضحوا رقماً وسط أرقام الضحايا والمفقودين.. وبيوت قد تحولت لحطام وحجارة.. ولسنا ندري إن كان فعلاً ربيعاً أم خريفاً عربياً.. يأتي هذا العيد وقد رزحت بلاد عربية تحت وطأة ما بعد الثورات، ودوي أنينها يسمع من به الصمم.. فهيهات أن يصلح العطار ما أفسد الدهر... يأتي هذا العيد وقلوبنا الطيبة قد تغيرت، ونفوسنا تبدلت.. فلم يعد كثير من الآباء يحرص على تربية ابنه تربية صالحة كما تربى، ولم يعد الابن يراعي والديه ولا يرعى مشيبهما، ولم تعد الأخت تحترم أخاها، ولا الأخ يشعر بأخته ولا يهتم بأمرها.. ولم يعد للمعلم قدرة، ولا الكبير له شأنه، ولا الجار يسأل عن جاره، ولا القريب عن قريبه، وغابت حتى الكثير من زيارات العيد واكتفت فئة كبيرة بإرسال رسالة قصيرة أو بريد إلكتروني يحمل جملة وصورة بدلاً من زيارات العيد التي كانت تصل الأهل والأقارب والأصدقاء وتقوي الأواصر والروابط بينهم.. يأتي هذا العيد وخادماتنا حلت مكان الأمهات في تربية الأبناء، ووسائل الإعلام قد أصبح لها الباع الطويل في التربية والتوجيه السطحي لشبابنا. يأتي هذا العيد وقد باتت القدوة العليا لبناتنا تلك المسوخ التي تظهر على التلفاز أو على صفحات الإنترنت، بعد أن كانت قدوتهن الصحابيات الجليلات وأمهاتهن وجداتهن.. فأصبحنا نرى النتيجة واضحة لتلك السطحية، وهي فتيات فاقدات للهوية الدينية والعربية.. مذبذبات بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء. يأتي هذا العيد وقد تحولنا من أناس نتعامل بديننا وقلوبنا المحبة النقية مع بعضنا البعض إلى أسماء وأجهزة ترسل رسائل لا تعني إلا تطور التكنولوجيا وتأخر الإنسانية.. وبالرغم من ذلك كله فمازال هناك على أطراف مجتمعاتنا أناس يحملون الإصالة والدين والقلوب الطيبة يجعلوننا نقول إن الدنيا مازالت بخير، وبأن العيد يستحقه أمثال هؤلاء، الذين عرفوا حق الله تعالى وحقوق أهلهم وأصدقائهم في هذه الأيام الفضيلة المباركة.. فكل عام وأوطاننا العربية والإسلامية بخير وكل عام وأهلنا الطيبون بخير وكل عام وأنتم أعزائي بكل خير...