09 نوفمبر 2025
تسجيلتحت رعاية سعادة الدكتور علي بن صميخ المري وزير العمل تم الأسبوع الماضي تدشين منصة استمر والمعنية بتوظيف المتقاعدين القطريين الراغبين في العمل في القطاع الخاص، وذلك للاستفادة من الخبرات وتعزيز تواجد الكوادر الوطنية المؤهلة في القطاع الخاص، وستكون آلية العمل في المنصة بالتسجيل فيها وإنشاء ملفات شخصية بخبراتهم العملية، مما يتيح للقائمين على المنصة رصد أعداد المتقاعدين الراغبين في العودة لسوق العمل، وذلك بالتنسيق بين القائمين على المنصة والجهات والمؤسسات الشاغرة بالوظائف، وتدعم المنصة خاصية الذكاء الاصطناعي وهي الأولى من نوعها، وتركز المنصة على الاستفادة من الخبرات المتراكمة وتوظيفها في المكان المناسب، كما أن منصة استمر لا تؤثر على الشباب المقبلين على العمل فالتخصصات التي ستتوافر للمتقاعدين مختلفة في المهام عن أولئك المستجدين في العمل، وتتركز الوظائف في القطاع التعليمي والطبي وقطاع الضيافة والفندقة والقطاع الأمني الخاص، ولعل من القرارات المهمة في هذا الموضوع عدم تأثر المعاش التقاعدي للمتقدم للعمل من جديد، وتُشكر وزارة العمل على الاهتمام بالكوادر الوطنية من المتقاعدين والسعي الى الاستفادة من خبراتهم ومبادرة طيبة وتصب في خدمة المجتمع. وتبادرت إلى ذهني بعض الأسئلة بعد إطلاق منصة استمر، هل يمكن للمتقاعد أن يعود للالتزام الوظيفي؟ هل سيتمكن المتقاعد العائد للعمل من الاندماج مع الأفكار الحديثة للمديرين والمسؤولين الشباب؟ هل سيتقبل المتقاعد تلقي الأوامر الوظيفية من مديرين ربما في سن أبنائه؟ هل ستتوافق الوظائف المتاحة مع تطلعات المتقاعدين؟ أليس من حق روح وجسم وذهن الإنسان الراحة بعد عناء سنوات في معركة العمل؟ تساءلت هذه الأسئلة وغيرها بعد تدشين المنصة التي تقدم خدمة العودة للعمل للمتقاعدين، ومن وجهة نظري أن الإنسان لا يجب أن يفني عمره في وظيفة تتطلب الالتزام والخوض في معركة يومية بين زحمة الطرقات والبحث عن موقف لسيارته والالتزام بوقت معين لبصمة الحضور، ناهيك عن الاجتماعات والاختلافات بين الموظفين ورغبة الكل في إثبات أنفسهم والحرب على المناصب التي قد تدفع بعض ضعاف النفوس لأذى الغير للوصول لها، فهل المتقاعد الذي شَعَرَ بالراحة وتحرر من كل الالتزامات وأصبح ملكا لوقته ويومه وبإمكانه السفر في الوقت الذي يناسبه وبإمكانه إدارة أعماله الخاصة أو استغلال هواياته أو مواهبه الأخرى وربما خبراته في مشاريع خاصة يُديرها هو، يستطيع العودة للوظيفة اليومية بكل ضغوطاتها؟ كما أن هناك أمراً هاماً لابد من وضعه في الحسبان وهو الفجوة الزمنية والخبراتية والمعلوماتية بين المسؤولين في معظم الجهات الخاصة أو الحكومية وبين المتقاعدين، فالملاحظ أن معظم المسؤولين حالياً في معظم الجهات من جيل آخر الثمانينيات إلى منتصف التسعينيات، والموظفون الذين ما زالوا في وظائفهم من جيل آخر الستينيات والسبعينيات يواجهون فجوة في التفاهم مع بعض، ونجد أن بعضهم قد يكون مُهّمشا أو في وظائف شرفية فقط، فكيف سيكون الوضع مع عودة المتقاعدين، وكيف سيتقبل جيل المديرين الجديد الخبرات العائدة للعمل؟. اعتقد أن في حياتنا كثيرا من الأمور تستحق أن نلتفت لها، وربما ذواتنا ومهاراتنا وتطويرها والاستمتاع بأيامنا وبذل الجهد في أعمال خاصة نرتب جدولها حسب رغبتنا دون التزام، افضل بكثير من العودة للوظيفة التي قد تسبب الضغوطات وتقيّد الوقت. • الحياة عبارة عن محطات وعليك أن تستمتع بكل محطة منها وتتقّبل الانتقال للمحطة القادمة وتبحث عن شغف جديد فيها، غير صحي أن تظل ملتزماً بوظيفة للابد، فنفسك وذهنك وأهلك وأبناؤك وأصدقاؤك وأيامك لهم حق عليك فاستمتع بالراحة بعد عناء سنوات ودع الأجيال الجديدة تأخذ فرصتها، فإن عُدتَ للعمل لن تكون البيئة كتلك التي أسستها أنت وعملت بها وقد يُدخلك ذلك في إحباط وضغوطات أنت في غنى عنها. • لكل متقاعد وترك العمل، أنت تستحق الراحة وقدمت الكثير وتراكمت لديك الخبرات والآن فرصتك في البحث عما يشغلك ويلبي طموحاتك دون قيود الوظيفة اليومية.