15 نوفمبر 2025
تسجيلحاطب بن أبي بلتعة وقبيل فتح مكة، أراد أن يخبر قريشاً بتجهيزات الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، لغاية في نفسه، فلم يفلح وانكشف أمره، لكنه لم يكذب على الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، واعترف بالعمل والغرض منه، فتم العفو عنه رغم أن عمله هو خيانة عظمى بحسب المصطلحات العسكرية في أيامنا. تاريخ الصحابي المشرف في معركة بدر أولاً، ومن ثم الصدق في حديثه مع الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، أنجاه من موت محقق كان سيقوم به الفاروق عمر حين سمع بفعلته واستأذن في قطع رقبته، لكن في مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم ، كانت الرحمة تسيطر على أجوائها قبل الشدة، فكان ما كان. يعلمنا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أن ننظر إلى الأمور بنظرة شاملة، خاصة حين نأتي ونحكم على الناس ونبدي رأيا في شأن من شؤونهم. لا يجب أن تضيق الآفاق في الأمور، ونتفاعل مع موقف واحد يبدر من شخص، فننسى أو نتناسى مواقف عديدة جميلة شريفة له أو لها، وننجرف وراء العاطفة اللحظية فنظلم الناس . هذا درس أول. أما الدرس الثاني من القصة، فيتعلق بالجميل من العمل الذي لا بد أن نكثف الجهد ونزيد منه قدر المستطاع في حياتنا الدنيا مع أنفسنا وغيرنا، وقبل ذلك وبعده مع الله سبحانه؛ ذلك أن صنائع المعروف تقي مصارع السوء، ولأن الحسنات يذهبن السيئات، فهكذا هي الحياة. مشكلتنا في الإدارة العربية بشكل عام، الأهواء والمزاجية وسرعة اتخاذ القرار حين لا يتطلب الموقف السرعة. فهكذا الأمور عند بعض القيادات الإدارية، مختلطة مشوشة، وبسببها تضيع حقوق ويندثر مجتهدون ويسود الإحباط. فهذا درس واحد من آلاف الدروس التي يمكن استحضارها من قصص السيرة النبوية، التي هي ليست قصصاً تروى، بل دروسا تُعطى، ومنهجاً يسير عليه الراغبون في الصلاح والإصلاح، والتربية والتنمية.