11 نوفمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); أفخر بأنني أبٌ ديمقراطي، ولكن ديمقراطيتي "عربية"، بمعنى أنني أسمح لبقية أفراد العائلة بإبداء الرأي في مختلف الشؤون، ثم أتصرف على "هواي"، ومن الممارسات الديمقراطية الثابتة في بيتنا نظام حظر التجول المسائي، ففي نحو التاسعة والنصف مساء يجب على جميع عيالي أن يكونوا في البيت، ويتم تأجيل حظر التجوال في رمضان ليبدأ في نحو الحادية عشرة مساء، ولحسن حظي فقد نجحت في تحصين عيالي ضد شلل الأطفال والسعال الديكي والمسلسلات والمسابقات التلفزيونية، فلا أنا ولا أم الجعافر ولا الأولاد أو البنات نتابع المسلسلات أو أي من السخافات الرمضانية المتلفزة... خاصة ذات المنشأ العربي، وربما كان مرد ذلك أننا عائلة عربيقية، أي تحمل الجينات العربية والأفريقية، وبالتالي فان جيناتنا الأفريقية لا تستسيغ السخف الرمضاني الفضائي المعهود، والذي لابد فيه من ظهور وجوه وشخوص صارت مثل نزلات البرد الموسمية، تصيبك في وقت تحسب فيه أنك في مأمن منها!قبل سريان حظر التجوال الرمضاني بقليل تسأل زوجتي العيال: عايزين شنو بكرة في الفطور؟ هذا السؤال يستفزني، فأود لو أصيح في وجهها قائلا إن الأكل لا يتم بطريقة "ما يطلبه المستمعون"، أما الذي يفرم كبدي ويورم قولوني فهو الطلبات العجيبة التي تصدر من أفواه عيالي، فإذا قال أحدهم – مثلا- انه يريد فتة كوارع (أقول، مثلا .. لأنهم لو شاهدوا شخصا يأكل الكوارع لشكوا في قواه العقلية من منطلق أنه يأكل "بوت" البهائم). المهم إذا طلب أحدهم الكوارع طلب الآخرالسجق / النقانق، وطلب غيره كفتة، فكل واحد منهم يريد مخالفة الآخرين، والتميز "على حسابي"!! الغريب في الأمر ان زوجتي لا تسألني قط ماذا أريد في إفطار رمضان، وإذا سألتها لماذا تتجاهلني تقول: عارفة إنك عايز فول وطعمية... يعني الكل يبحبح ويشتهي ويتشهى على كيفه، أما أنا فبرغم انني الممول وصاحب رأس المال، وسي السيد المفترض، فقد حكموا عليَّ بالفول المؤبد، مع أنني صاحب نظرية ان الفول من المخدرات لأنه يسبب النعاس بعد تناوله بربع ساعة، وينصح الاطباء بعدم قيادة السيارة إلا بعد ست ساعات من تعاطي الفول. أنصت لطلبات العيال الطعامية وأقول في سري: يا أولاد الذين، كان أبوكم يفطر رمضان عاما تلو عام بالبليلة، التي يتم إعدادها بنوع من البقوليات اسمه اللوبياء، (كان الحمص وقتها طعام الأثرياء)، وبلح كأنه الخشب المضغوط، وكسرة خبز من الذرة مغموسة في الويكة التي هي البامية المجففة، والبامية وبعد أن تجف تتحول إلى "تبن" لأنها تفقد الكثير من عناصرها الغذائية ولكنها تبقى غنية بالألياف! وياما ناضلت في مرحلة الطفولة كي أبقى صاحيا حتى السحور كي لا تفوتني الشعيرية باللبن، وتآمرنا ذات ليلة على أهل الحي وجعلناهم يتسحرون في نحو الحادية عشرة مساء، فقد كان الشخص الوحيد الذي يملك ساعة في بلدتنا هو العمدة، المهم اننا قررنا الصمود حتى السحور ولكن النعاس غلبنا، وكنا كما أهلنا مبرمجين للنوم عقب صلاة العشاء، فتشيطنا ونططنا لطرد النوم حتى لم يعد مناص من الاستسلام له، فقررنا تقديم موعد السحور بنحو أربع ساعات، وحملنا وعاء صفيحيا، وطفنا الحي ونحن نقرعه فاستيقظ الناس وتناولوا السحور، وتناولناه معهم، ولم يفطن أحد الى ان ساعات النوم ما قبل السحور في تلك الليلة كانت أقصر من المعتاد، فكما قلت، فقد كنا جميعا ننام قبل دجاجاتنا!!والحمد لله فما زال عيالي يحملون الجينات الدجاجية، وينامون قبل العاشرة مساء في رمضان وغيره، مما يحمي عقولهم من التلوث بالمسلسلات والمسابقات التي يتنافس فيها أشخاص يتحلون بجهالة موسوعية، وقبل عام سأل مذيع أحد المشاركين في مسابقة: ما هي العاصمة العربية التي دمرها المغول؟ فقال: موسكو! فقال له المذيع صااااااااااااااااح وأمر له بجائزة، وهكذا، وبمناسبة شهر رمضان الكريم اهنئكم بانضمام روسيا الى الجامعة العربية. وأترككم مع أبيات لكاتب ساخر فذ هو عبد اللطيف الزبيدي عن رمضان والمسلسلات: قم للمسلسل وفِّه التبجيلا/ إن المسلسل صار يصنع جيلا/ جثث مكدسة الى إمساكها/ قالاً تقزقز في القناة وقيلا/ لا عيب في رمضان إلا "شغلة"/ أن المدافع تقبل التأويلا/ أفمدفع الافطار أم ذا قصفة/ تركت بقايا خلفها وطلولا/ كوهين يسهر مخرجا لمسلسل/ سيصير كلٌّ بعده مسطولا.