10 نوفمبر 2025
تسجيلتابعت عن بعد انتخابات المجلس البلدي القطري في دورته الرابعة، ولاحظت وفقا لما نشرته وسائل الإعلام عن الترشيح هذا العام مستجدات شبابية برز فيها حماس الشباب الصغار لترشيح أنفسهم لخوض قبة أول بيت للديمقراطية في قطر مع تراجع نسبة الشريحة الأكبر عمرا من الترشيح لأسباب قد تتعلق بفقدان المخضرمين من المجربين الثقة في المصداقية في الدور المنوط بصوت أعضاء المجلس البلدي الاستشارية فقط وضعف تمكينهم وخيبة أمل الكثيرين من الصورية الواقعة فيه. ولأن الشيء بالشيء يذكر ذكرتنا أهازيج الديمقراطية وأحلامها وحماس البعض وخيبة أمل الكثيرين ببيت الحجج والإصلاح المنتخب عندنا في قطر أعني رديف ما يسمى البرلمان " الشورى المنتخب" الذي تنحي وتأخر إقرار عهده بعد أن مضى على إقرار دستور دولة قطر ما ينيف على سبعة أعوام قطعت الدولة فيها مخاضا وشوطا كبير لإقرار الديمقراطية وممارسة الحياة البرلمانية لكي ينتخب من ينتخب عضوا في شورى يمتلك خاصية القول والفعل -الصفة الاستشارية والتشريعية-، وسط احترام لقيمة الكلمة والرأي والمشورة من قبل طارقها ومبديها ومستقبلها دون خوف أو وجل من قبل المرسل ، ودون مصادرة من قبل المستقبل. بدأنا عام 2010 العام الماضي على أمل انه العام لا الذي ستنتهي فيه دورة إضافية ممددة لمجلس الشورى لأننا نؤمن بالايجابية، فأملنا انه العام الذي ستبدأ به قطر حقبة جديدة من التحول الديمقراطي الميداني لا الصوري خصوصا وان إدارة الانتخابات في الداخلية ولجنة الانتخابات السابقة في مجلس الأسرة قطعتا شوطا كبيرا في عمليات التثقيف والتمكين والتأهيل والتدريب هذا من ناحية ، كما حددت الدوائر بما يسمى مسقط الرأس، ومن الناحية الأخرى وهي الأهم لأن الشعوب وصلت إلى سن النضج حتى لو تخللت مسيرة النضج عقبات أو إشكاليات يرتئيها الشعب او ترتئيها الحكومات. ولكن فوجئنا حال وقت انتهاء الدورة الممدة العام الماضي بأن تمدد الشورى إلى ثلاثة أعوام أخرى ، ربما لأن الآتي والمرتقب في المنتخب سيكون أكثر حجة على الأرجح بموجب الحقوق المكتسبة للممثلين ذاتها وصفة البرلمان ذاته ، فضلا عن التحولات او متطلبات التغيير التي قد يكون الشورى المنتخب عائقا أمامها بموجب دوره الذي سيتجاوز الدور الاستشاري. ومع قناعتنا بالدور الكبير للشورى المنتخب سلفا في عمر قطر الديمقراطي، إلا إننا نؤمن بأن المرحلة الحالية من عمر قطر ومن عمر آثار "الربيع العربي" على الشعوب والتحولات الفكرية الشبابية الجديدة، والرقي الفكري والمساحة المطروحة للرأي الصريح أكثر أهمية وحرجا، فهي تحمل في ثناياها وطياتها الكثير وتقتضي من الدولة والمشرعين عدم غض الطرف عن حق الشعوب وعما تحمله وما تنقله"مسارات التدوين والمدونات ووسائل الاتصال الاجتماعي الحديثة " من مطالب صريحة وواضحة تقتضى مجاراة التحولات الديمقراطية وإشراك النخب الفكرية المثقفة في إدارة دفة شؤون الوطن في مكتسبات لا مكارم وفي هدوء وروية وموضوعية ومساواة ، دون الحاجة إلى اللجوء إلى ضجة ثورية أو التفاف على المستحقات الشعبية باتخاذ عدم وجود برلمان منتخب مدعاة لزعزعة امن الوطن ومن ثم امن شعبه ، خصوصا وان الشعوب المثقفة باتت تؤمن أكثر بدور الشورى المنتخب – أعني دورها هي- في تعزيز الشفافية والمحاسبية والمشاركة الشعبية في صنع القرار وضرورة الانتقال بالشورى من الدور الاستشاري إلى الدور التشريعي بما يحمله الأمل لدى أبناء الشعب وما يحدوهم من تكاتف الجهود في ظل الديمقراطية بين السلطتين التشريعية والتنفيذية. وعلى الجانب الآخر والمشرق أيضا للدعوات الشعبية التي طالت وتمرست خبرتها فإننا لا نريد أن تكون الدعوات النيرة خديجة أو هزيلة لتفرز شورى شكلي متنوع عاجل ولكن منتقص، كما لا نريدها شورى تعكس خيبة الأمل الشعبية لتخرج فيها أشخاص فقط على مقاس "المتردية والنطيحة" ، ولا نريد أيضا مجلس صراخ وعويل أو ضرب أو عض لأنها ليست بإفرازات نضج وفكر ، أو مجلس قوة أو فرضته قوة ما أيا كانت ، كما لا نريد مجلس ينازع الروح في التمسك بتفاهات هل تمثل المرأة ! وكم امرأة بالتعيين أو الكوتا أو غيره !! فنحن شعوب تمرست ويفترض أنها تجاوزت هذه الخطابات السطحية الى خطابات الفكر الأعمق والحكمة من أي وعاء خرجت. ولسنا ننازع في هذا الوقت من عمر قطر ودورها الدولي الرائد حقا من حقوق الشعوب المفروغ منها في دولة صغيرة حققت الريادة الدولية التي تحسد عليها ولا زال شعبها يحبو في طلب " مجلس منتخب" وهي مستحقات مبدئية. أما وقد تبدد الأمل لدى الشعب في ان ينقل الشورى مطالبهم، أو ربما لأن له دوره السابق المحدد المناسب لوقت معين، فإنا نرتئي ولمصلحة قطر الحديثة وشعبها ألا تترك الدولة المساحات الخالية أو شبه الفارغة أو المملاة سلفا في زمن معين لوقت معين لتكون مساحات هضم أو تأخر لحقوق مواطنة ، أو مساحات لتكون مجالا لمستنقعات ريبة أو قلق أو تكوينات داخلية تهدد امن الوطن وسلمه لدى شعب ناضج آمن ومتجانس وواع ٍ خصوصا إذا عزفت على نغمة الاستحقاقات الشعبية الغائبة في هذا العمر الناضج والتي يقع أهمها "التمثيل النيابي" . كاتبة وإعلامية قطرية Twitter: @medad_alqalam medad_alqalam @ yahoo.com