11 نوفمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); لا يكاد يمر وقت طويل حتى يفاجئ أحمد الزند، وزير العدل الحالي، المصريين بتصريحاته المثيرة للجدل، وبتصرفاته التي تنم عن عدم حيادية القضاء المصري، والتي تقول بالفم المليان إن في مصر أناسا لا يطالهم القانون، وإن المصريين ليسوا سواء، فمنذ زمن صرح في أحد لقاءاته التليفزيونية: "نحن هنا على أرض هذا الوطن أسياد وغيرنا هم العبيد"، كما أكد على استمرار توارث أبناء القضاة لمناصب آبائهم جيلًا وراء جيل، رافضًا أن يكون العلم والتفوق معيارًا من معايير التعيين في سلك القضاء، واتهم من يخالفه الرأي بالحقد فقال: "من يهاجم أبناء القضاة هم الحاقدون والكارهون وتعيين أبناء القضاة سيستمر سنة بسنة، ولن تستطيع قوة في مصر أن توقف هذا الزحف المقدس"، ووصف المتظاهرين من أوائل خريجي كليات الحقوق بـ "الغوغاء"، وكان وزير العدل السابق، المستشار محفوظ صابر عبد القادر قد قال بعدم أهلية أولاد عمال النظافة لتولي القضاء في مصر مهما كان تميزهم العلمي، بالرغم من أن الرئيس عبد الفتاح السيسي كان قد وعد أثناء حملته الانتخابية الرئاسية بأن "يكون العمل والاجتهاد أساس التميز وأن يكون الاحتكام لمبدأ تكافؤ الفرص"، وهو مبدأ مقرر في الدستور الذي يساوي بين المواطنين، ولكن وزراء الرئيس يفعلون بغير ما يقول، ويجاهرون، مما دعا أحد الإعلاميين لأن يطلب من الرئيس أن يسكت وزراءه. أحمد الزند المتهم بالاستيلاء على أراض بترعة الحمام غربي الإسكندرية، وبالتصرف في بعض أموال نادي القضاة المدعوم من المال العام لصالح صحفيين، وبالتزوير في محررات رسمية واستعمالها، لم ترفع حصانته بعد ويعتبر المساس بشخصه مساسًا باستقلال القضاء ولا يتوقف عن مهاجمة هشام جنينة بل وتعهد بالعمل على إقالته مما دفع هشام جنينة إلى القول بأنه يخشى أن تلفق له تهمة تخابر مع قوى خارجية للتخلص منه، ومع أن قضية استيلاء أحمد الزند على أراضي ترعة الحمام جرى التحقيق فيها والبلاغ عنها إلى النائب العام إلا أن الزند لم يمثل للتحقيق حتى الآن، بل وعين وزيرًا في مايو 2015 مكافأة له على الدور الذي لعبه في عزل الرئيس المنتخب محمد مرسى، بل واستدعى النائب العام خصوم الزند للتحقيق معهم. الزند لم يكتف بتصريحاته السابقة بل صدم الجماهير بتصريح شاذ وعنصري تجاوز الدستور والقانون وحقوق الإنسان، حين قال خلال لقائه ببرنامج "على مسؤوليتي"، علي قناة صدى البلد، الأربعاء الماضي: "أقسم بالله العظيم سننفذ حكم الإعدام في الرئيس المعزول محمد مرسي وغيره من قيادات الإخوان وسيلقى مصيره المحتوم وهو الإعدام وسأترك منصبي إذا لم تنفذ الأحكام"، وأضاف، "أنا أعتقد أن شهداءنا الأبرار لا يكفينا فيهم 400 ألف إرهابي، وأقسم بالله العظيم، أنا شخصيًا لن تنطفئ نار قلبي إلا إذا كان قصاد (مقابل) كل شهيد 10 آلاف من الإخوان ومن معهم"، كما اتهم كل من ينتقده بأنهم إخوان أو متعاطفون معهم وبهذا وسع من دائرة الأخونة لتشمل كل من ينتقده من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار وهم كثر، فثمة من وجه إليه النقد في الأهرام وصوت الأمة والمصري اليوم وأحزاب أخرى. ولما كانت قضايا الإخوان وغيرهم من شباب ثورة 25 يناير لا تزال قيد النظر، ولم يصدر فيها أي حكم أو صدرت بحق المتهمين فيها أحكام إدانة لكنها مازالت محل طعن - أي ليست نهائية بعد - فإن تصريحات الزند تعد مخالفة لأحكام القانون والدستور وتنم عن نزعة انتقامية بحق متهمين لم تثبت إدانتهم، ويعد سكوت الرئيس السيسي عن تصريحات وزيره موافقة ضمنية عليها وهو ما يعني استمرار سياسة البطش بالخصوم السياسيين وإدارة الظهر لأي مصالحة ممكنة. وربما كان إلغاء محكمة النقض أحكامًا بالإدانة والسجن المؤبد بحق عدد كبير من قيادات الصف الأول من الإخوان سببًا في إطلاق الزند لهذه التصريحات مستغلًا شهداء الجيش والشرطة في إثارة رأي عام معارض للمصالحة التي تركها الرئيس السيسي للشعب حين قال: "إن قرار التصالح مع الإخوان متروك للشعب المصري". وأيًا كانت الأسباب التي دفعت الزند للإدلاء بمثل هذه التصريحات، فإن المراقبين متفقون جميعًا على أنها "محل مساءلة في أي دولة تحترم القانون، وأنها تحت أي ذريعة مخالفة للقوانين ولأي نظم تحترم العدالة". وهي أيضًا مخالفة للدستور ومنافية للعدالة، ومؤكدة لعدم استقلالية القضاء ومعادية لثورة 25 يناير وشعاراتها، كما يعتقد الكثيرون أن ما تقوم به الدولة من ممارسات قمعية بحجة مقاومة الإرهاب هو أيضًا مخالف للدستور والقانون ومجاف للعدالة ومكرس لثقافة التمييز والإقصاء والرأي الواحد، وهو إعادة إنتاج لمنظومة الفساد والاستبداد مما يعني أن مصر لم تعد وطنًا لجميع المصريين كما زعم الرئيس المصري في كلمته في ذكرى ثورة 25 يناير المجيدة.